لطيفة
قال أبو حيان :
وفي الآية دليل على صعوبة الخروج من الديار، إذ قرنه الله تعالى بقتل الأنفس، وقد خرج الصحابة المهاجرون من ديارهم وفارقوا أهاليهم حين أمرهم الله تعالى بالهجرة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٩٧﴾
قوله تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن المراد من قوله :﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ﴾ أنهم لو فعلوا ما كلفوا به وأمروا به، وإنما سمي هذا التكليف والأمر وعظا لأن تكاليف الله تعالى مقرونة بالوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، والثواب والعقاب، وما كان كذلك فإنه يسمى وعظا، ثم إنه تعالى بين أنهم لو التزموا هذه التكاليف لحصلت لهم أنواع من المنافع.
فالنوع الأول : قوله :﴿لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ﴾ فيحتمل أن يكون المعنى أنه يحصل لهم خير الدنيا والآخرة، ويحتمل أن يكون المعنى المبالغة والترجيح، وهو أن ذلك أنفع لهم وأفضل من غيره، لأن قولنا :"خير" يستعمل على الوجهين جميعا.
النوع الثاني : قوله :﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾ وفيه وجوه :
الأول : أن المراد أن هذا أقرب إلى ثباتهم عليه واستمرارهم، لأن الطاعة تدعو إلى أمثالها، والواقع منها في وقت يدعو إلى المواظبة عليه.
الثاني : أن يكون أثبت وأبقى لأنه حق والحق ثابت باق، والباطل زائل.
الثالث : أن الإنسان يطلب أولا تحصيل الخير، فإذا حصله فإنه يطلب أن يصير ذلك الحاصل باقيا ثابتا، فقوله :﴿لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ﴾ إشارة إلى الحالة الأولى، وقوله :﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾ إشارة إلى الحالة الثانية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٣٥﴾