وقال الآلوسى :
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ ﴾ أي ما يؤمرون به مقروناً بالوعد والوعيد من متابعة الرسول ﷺ والانقياد إلى حكمه ظاهراً وباطناً ﴿ لَكَانَ ﴾ فعلهم ذلك ﴿ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ عاجلاً وآجلاً ﴿ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ﴾ لهم على الحق والصواب وأمنع لهم من الضلال وأبعد من الشبهات كما قال سبحانه :﴿ والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى ﴾ [ محمد : ١٧ ]، وقيل : معناه أكثر انتفاعاً لأن الانتفاع بالحق يدوم ولا يبطل لاتصاله بثواب الآخرة، والانتفاع بالباطل يبطل ويضمحل ويتصل بعقاب الآخرة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٧٤﴾
فائدة
قال أبو حيان :
قال الزمخشري : ما يوعظون به من اتباع رسول الله ﷺ وطاعته، والانقياد لما يراه ويحكم به، لأنه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، لكان خيراً لهم في عاجلهم وآجلهم، وأشد تثبيتاً لإيمانهم، وأبعد من الاضطراب فيه.
وقال ابن عطية : ولو أن هؤلاء المنافقين اتعظوا وأنابوا لكان خيراً لهم، وتثبيتاً معناه يقيناً وتصديقاً انتهى.
وكلاهما شرح ما يوعظون به بخلاف ما يدل عليه الظاهر.
لأنّ الذي يوعظ به ليس هو اتباع الرسول وطاعته، وليس مدلول ما يوعظون به اتعظوا وأنابوا، وقيل : الوعظ هنا بمعنى الأمر أي : ولو أنهم فعلوا ما يؤمرون به فانتهوا عما نهوا عنه.
وقال في ري الظمآن : ما يوعظون به أي : ما يوصون ويؤمرون به من الإخلاص والتسليم.
وقال الراغب : أخبر أنهم لو قبلوا الموعظة لكان خيراً لهم.
وقال أبو عبد الله الرازي : المراد أنهم لو فعلوا ما كلفوا به وأمروا، وسمي هذا التكليف والأمر وعظاً، لأن تكاليف الله تعالى مقرونة بالوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، والثواب والعقاب، وما كان كذلك فإنه يسمى وعظاً.