الأوّل : قال ابن عبَّاسٍ ومُجَاهِد : إنه عَائِد إلى المُنَافِقين لأنه - تعالى - كَتَبَ على بَنِي إسرائيلَ أن يَقْتُلوا أنْفُسَهم، وَكَتَب على المُهَاجِرِين أن يَخْرُجُوا من ديارِهم، فقال :﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا ﴾ على هؤلاءِ المُنَافِقِين القَتْل والخُرُوجَ، ما فَعلهُ إلا قَلِيلٌ ريَاءً وسُمْعَة، وهذا اخْتِيَار الأصَمِّ والقَفَّال.
[ القول ] الثاني : المراد : لو كَتَب اللَّه على النَّاسِ ما ذَكَر، لم يَفْعَلْه إلا قَلِيلٌ منهم، فَيَدْخُل فيه المُؤمِنُ والمُنَافِق.
قوله :﴿ أَنِ اقتلوا ﴾ " أن " فيها وجهان :
أحدهما : أنها المُفَسِّرة ؛ لأنَّها أتت بعد ما هُو بمعنى القَوْلِ لا حَرُوفهِ، وهو أظْهَر.
الثاني : أنها مَصْدَريَّة، وما بَعْدَها من فِعْل الأمْرِ صِلَتُها، وفيه إشْكَالٌ ؛ من حيث إنَّه إذا سُبك منها ومِمّا بَعْدَها مَصْدرٌ، فأتت للدِّلالةَ [ على الأمر، ألا تَرَى أنَّك إذا قُلْتَ : كتَبْتُ إلَيْه أنْ قُمْ فيه من الدَّلالَةِ ] على طَلَبِ القِيَام بطريق الأمْرِ، ما لا في قَوْلِك : كَتَبْتُ إليه القِيَام، ولكنَّهمُ جَوَّزوُا ذلك واسْتَدَلُّوا بقولِهِم : كَتَبْتُ إليه بأن قُمْ. ووجه الدلالة : أن حَرْفَ الجَرِّ لا يُعَلَّق.
وقرأ أبو عمرو : بكسر نُونِ " أن " وضَمّ واو " أو "، قال الزَّجَّاج : ولست أعرف لِفَصْل أبي عَمْروٍ بين هَذَيْنِ الحَرْفَيْنِ خَاصيَّة إلاّ أن يَكُون رِوَايَةً.