وقال غيره : أمّا كَسْر النُّونِ ؛ فلأن الكَسْرَ هُو الأصْلُ في التِقَاء السَّاكِنَيْن، وأما ضَمُّ الواو فللإتبَاعِ ؛ لأن الضَّمَّة في الواوِ أحسن ؛ لأنَّها تُشْبِه وَاوَ الضَّمِير، نحو :﴿ اشتروا الضلالة ﴾ [ البقرة : ١٦ ] ﴿ وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ] وكَسَرَهُمَ حَمْزَة وعَاصِم ؛ لالْتِقَاء السَّاكِنَيْن، وضَمَّهُمَا ابن كَثِير، ونَافِع [ وابن عامر ] والكسائي ؛ للاتبَاعِ فيهما.
قوله ﴿ ما فَعَلُوهُ ﴾.
الهاء يُحْتَمَلُ أن تكُون ضمير مَصْدر ﴿ اقتلوا ﴾، أو ﴿ اخرجوا ﴾ أي : ما فَعَلُوا القَتْل ؛ أو ما فَعَلُوا الخُرُوج.
وقال فَخْر الدِّين الرَّازي : تعود إلى القَتْلِ والخُرُوج معاً ؛ لأنه الفِعْل جَنْسٌ وَاحِدٌ وإن اخْتَلَفَت ضُرُوبُه.
قال شهاب الدِّين : وهذا بَعيدٌ لنُبُوّ الصِّنَاعة عَنْهُ، وأجَازَ أبو البقاء أن يَعُود على المكْتُوب ويَدُلُّ عليه :﴿ كَتَبْنَا ﴾.
قوله :" إلاَّ قليلٌ " رفْعُه من وَجْهَيْن :
أحدهما : أنه بَدَلٌ من فَاعِل ﴿ فَعَلُوهُ ﴾ وهو المخْتَار على النَّصْبِ ؛ لأن الكلام غير مُوجِبٍ.
الثاني : أنه مَعْطُوف على ذَلِكَ الضَّمِير المَرْفُوع، و" إلاَّ " حَرْف عَطْفٍ، وهذا رأي الكوفِيِّين.
وقرا ابن عامر وجَماعة :﴿ إلاَّ قَلِيلاً ﴾ بالنَّصْب، وكذا هُو في مَصَاحِفِ لأهْل الشَّامِ، ومصْحَف أنس بن مَالِكٍ، وفيه وَجْهَان :
أشهرهما : أنه نَصْبٌ على الاسْتِثْنَاء وإن كان الاخْتِيَار الرَّفع ؛ لأن المعنى موجُود [ معه كما هُو مَوْجُود ] مع النَّصْب، ويزيد عليه بمُوَافَقَة اللَّفْظِ.