والثَّاني : أنه صِفَةٌ لمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، تقديره : إلا فِعْلاً قليلاً، قاله الزَّمَخْشَرِي وفيه نَظَرٌ ؛ إذ الظَّاهر أن " منهم " صِفَةٌ لـ ﴿ قَلِيلاً ﴾، ومَتَى حمل القَلِيل على غَيْر الأشْخَاصِ، يقلق هذا الترْكِيب ؛ إذ لا فَائِدَة حينئذٍ في ذكر " منهم ".
قال أبو علي الفَارِسي : الرَّفْع أقْيَس، فإن مَعْنَى ما أتَى أحَدٌ إلا زَيْد، [ وما أتَانِي إلا زَيْد ] واحِدٌ ؛ فكما اتَّفَقُوا في قَوْلِهِم : ما أتَاني إلا زَيْدٌ، على الرَّفع، وجب أن يكُون قَوْلهُم : ما أتَانِي أحَدٌ إلا زَيْدُ بِمَنْزِلَتِهِ.
قوله :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ ﴾ تقدم الكَلاَم على نَظِيره، و" ما " في ﴿ مَا يُوعَظُونَ ﴾ [ موصولة ] اسميَّة.
والباء في :" بِهِ " يُحْتَمل أن تكُون المُعَدِّية دَخَلَتْ على الموعُوظ به [ والموعوظ به ] على هَذَا هو التَّكَالِيفُ من الأوَامِرِ والنَّوَاهِي، وتُسَمَّى أوَامِر اللَّه [ تعالى ] ونَوَاهِيه مَوَاعِظ ؛ لأنها مقْتِرَنَةٌ بالوَعْد والوَعيد، وأن تكون السَّبَبِيَّة، والتقدير : ما يُوعَظُون بسببه أي : بسبب تَرْكِهِ، ودلَّ على التَّرْكِ المحذوف قوله تعالى :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ ﴾ [ واسم " كان " ضمير عَائِدٌ على الفِعْل المفْهُومَ من قوله :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ ﴾ ] أي : لكَان فِعْل ما يُوعظون به، و" خَيْراً " خبرها، و" شيئاً " تَمْييز لـ " أشَدَّ "، والمعْنَى : أشَدّ تَحْقِيقاً وتَصْديقً لإيمانهم.
قوله :" وإذن " : حرف جَوَابٍ وجَزَاء، وهل هَذَان المعْنَيَانِ لازمَان لها، أو تكُون جَوَابَاً فَقَطْ ؟ قولان : الأوّل : قَوْل الشلوبين تَبَعاً لظَاهِر قول سيبَويْه.


الصفحة التالية
Icon