فإذا كان من يقاتل في سبيل الله قد امتثل لأمر الله فسوف يجد فضلاً أكثر، فكيف يكون جزاء من يقتل نفسه امتثالا لأمر ربه ؟ إن امتحان النفس يكون بالنفس، وليس امتحان النفس بالعدو. وما الميزة في سيدنا إبراهيم ؟ هل قال له الحق : أنا سأميت ولدك ؟ أقال له إن واحداً آخر سيقتل ابنك ؟ لا، بل قال له : اذبحه أنت. وهذه هي ارتقاء قتل النفس، فيفدي الحق إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم. إذن فإذا جاء الأمر بأن يقتل الإنسان نفسه فلا بد أن هناك مرتبة أعلى. ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لأَتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّآ أَجْراً عَظِيماً ﴾. ويقول الحق بعد ذلك :
﴿ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴾
ونحن أمام أمرين : إما أن يقتلوا، وإما أن يخرجوا من ديارهم، فقوله :﴿ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴾ لمن ؟ للذي قُتِل أم لمن خَرَج ؟ هو قول لمن أخرج من دياره لأنه مازال على قيد الحياة.
ويقول الحق بعد ذلك :﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ... ﴾. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ٢٣٨٠ ـ ٢٣٨٦﴾


الصفحة التالية
Icon