اعلم أنه تعالى لما أمر بطاعة الله وطاعة الرسول بقوله :﴿يا أيها الذين ءامَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول﴾ [ النساء : ٥٩ ] ثم زيف طريقة الذين تحاكموا إلى الطاغوت وصدوا عن الرسول، ثم أعاد الأمر بطاعة الرسول مرة أخرى فقال :﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله﴾ [ النساء : ٦٤ ] ثم رغب في تلك الطاعة بقوله :﴿لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لاتيناهم مّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيماً ولهديناهم صراطا مُّسْتَقِيماً﴾ [ النساء : ٦٦ ٦٨ ] أكد الأمر بطاعة الله وطاعة الرسول في هذه الآية مرة أخرى فقال :﴿وَمَن يُطِعِ الله والرسول فَأُوْلَئِكَ مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مّنَ النبيين والصديقين﴾ إلى آخر الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٣٦﴾
فصل فى سبب نزول الآية
قال الفخر :
ذكروا في سبب النزول وجوها :
الأول : روى جمع من المفسرين أن ثوبان مولى رسول الله ﷺ كان شديد الحب لرسول الله ﷺ قليل الصبر عنه، فأتاه يوما وقد تغير وجهه ونحل جسمه وعرف الحزن في وجهه، فسأله رسول الله ﷺ عن حاله، فقال يا رسول الله ما بي وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، فذكرت الآخرة فخفت أن لا أراك هناك، لأني إن أدخلت الجنة فأنت تكون في درجات النبيين وأنا في درجة العبيد فلا أراك، وإن أنا لم أدخل الجنة فحينئذ لا أراك أبدا، فنزلت هذه الآية.
الثاني : قال السدي : إن ناسا من الأنصار قالوا : يا رسول الله إنك تسكن الجنة في أعلاها، ونحن نشتاق إليك، فكيف نصنع ؟ فنزلت الآية.