وقيل : متعلق ب ﴿ بَلِيغاً ﴾ وهو ظاهر على مذهب الكوفيين، والبصريون لا يجيزون ذلك لأن معمول الصفة عندهم لا يتقدم على الموصوف لأن المعمول إنما يتقدم حيث يصح تقدم عامله، وقيل : إنه إنما يصح إذا كان ظرفاً وقواه البعض، وقيل : إنه متعلق بمحذوف يفسره المذكور وفيه بعد والمعنى على تقدير التعلق : قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم مؤثراً فيها يغتمون به اغتماماً، ويستشعرون منه الخوف استشعاراً، وهو التوعد بالقتل والاستئصال، والإيذان بأن ما انطوت عليه قلوبهم الخبيثة من الشر والنفاق بمرأى من الله تعالى ومسمع غير خاف عليه سبحانه وإن ذلك مستوجب ( لما تشيب منه النواصي، وإنما هذه المكافة ) والتأخير لإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر، ولئن أظهروا الشقاق وبرزوا بأشخاصهم من نفق النفاق ( لتسامرنهم السمر والبيض، وليضيقن عليهم رحب الفلا بالبلاء العريض )، واستدل بالآية الأولى على أنه قد تصيب المصيبة بما يكتسبه العبد من الذنوب، ثم اختلف في ذلك فقال الجبائي : لا يكون ذلك إلا عقوبة في التائب، وقال أبو هاشم : يكون ذلك لطفاً.
وقال القاضي عبد الجبار : قد يكون لطفاً وقد يكون جزاءاً وهو موقوف على الدليل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٦٩﴾
وقال القاضى البيضاوى :
﴿ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ ﴾ أي في معنى أنفسهم أو خالياً بهم فإن النصح في السر أنجع. ﴿ قَوْلاً بَلِيغاً ﴾ يبلغ منهم ويؤثر فيهم، أمرهم بالتجافي عن ذنوبهم والنصح لهم والمبالغة فيه بالترغيب والترهيب، وذلك مقتضى شفقة الأنبياء عليهم السلام. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٢ صـ ٢٠٩﴾