فصل
قال الآلوسى :
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ﴾ أي لأولئك الزاعمين ﴿ تَعَالَوْاْ إلى مَا أَنزَلَ الله ﴾ في القرآن من الأحكام ﴿ وَإِلَى الرسول ﴾ المبعوث للحكم بذلك ﴿ رَأَيْتُ ﴾ أي أبصرت أو علمت ﴿ المنافقين ﴾ وهم الزاعمون، والإظهار في مقام الإضمار للتسجيل عليهم بالنفاق وذمهم به والإشعار بعلة الحكم أي رأيتهم لنفاقهم ﴿ يَصِدُّونَ ﴾ أي يعرضون ﴿ عَنكَ صُدُوداً ﴾ أي إعراضاً أيُّ إعراض فهو مصدر مؤكد لفعله وتنوينه للتفخيم، وقيل : هو اسم للمصدر الذي هو الصد وعزي إلى الخليل، والأظهر أنه مصدر لصد اللازم، والصد مصدر للمتعدي، ودعوى أن يصدون هنا متعد حذف مفعوله أي يصدون المتحاكمين أي يمنعونهم مما لا حاجة إليه، وهذه الجملة تكملة لمادة التعجيب ببيان إعراضهم صريحاً عن التحاكم إلى كتاب الله تعالى ورسوله ﷺ إثر بيان إعراضهم عن ذلك في ضمن التحاكم إلى الطاغوت، وقرأ الحسن ﴿ تَعَالَوْاْ ﴾ بضم اللام على أنه حذف لام الفعل اعتباطاً كما قالوا : ما باليت به بالة وأصلها بالية كعافية، وكما قال الكسائي في آية : إن أصلها أيية كفاعلة فصارت اللام كاللام فضمت للواو، ومن ذلك قول أهل مكة : تعالى بكسر اللام للمرأة، وهي لغة مسموعة أثبتها ابن جني فلا عبرة بمن لحن ( كابن هشام ) الحمداني فيها حيث يقول :
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا...
( تعالى اقاسمك الهموم تعالى )
ولا حاجة إلى القول بأن تعالى الأولى : مفتوحة اللام، والثانية : مكسورتها للقافية كما لا يخفى، وأصل معنى هذا الفعل طلب الإقبال إلى مكان عال ثم عمم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٦٨﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله ﴿ وإذا قيل لهم تعالوا ﴾ الآية أي إذا قيل لهم احضُروا أو إيتوا.