لطيفة
قال فى ملاك التأويل :
قوله تعالى :"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا" وفى سورة المائدة :"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا"،
للسائل أن يسأل عن وجه ما ورد فى هاتين الآيتين من قوله فى الأولى" إلى ما أنزل الله وإلى الرسول" والاكتفاء فى الثانية بقوله " إلى ما أنزل الله" مع استوائهما فى دعاء المخالفين ممن ذكر قبل كل آية منهما إلى متابعة الحق والرجوع إليه.
والجواب أن حال المدعوين مختلف فإن الآية الأولى فى منافق ويهودى تخاصما وتحاكما إلى كعب بن الأشرف ورضيا بحكمه فالمراد بالآية المنافقون لأنهم المظهرون أنهم آمنوا بما أنزل على محمد ﷺ وعلى موسى عليه السلام القائلون ذلك بألسنتهم ولكون ذلك نطقا بألسنتهم عبر بالزعم وكنى بالطاغوت فيما ذكره المفسرون عن كعب بن الأشرف قال تعالى :"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به" ولم تؤمر يهود أن يكفروا بأحبارهم ما لم يحرفوا وإنما المأمورون بالكفر منهم المؤمنون حين ظهر تحريفهم وتبديلهم ثم قال تعالى :"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول" أى للحكم بينهم بما أنزل الله صدوا عنه ونفروا إلى التحاكم عند كعب بن الأشرف أو عند الكاهن على الاختلاف فى ذلك.
وأما آية المائدة فمبنية على ما تقدمها من مرتكبات أهل الجاهلية وما سنوه تقليدا أو اتباعا لعمرو بن لحي وأشباهه ممن سن مثل تغييرا لملة ابراهيم عليه السلام فدان بفعلهم فى البحيرة والسائبة والوصيلة والحام


الصفحة التالية
Icon