والاستفهام إنكاري، أي لا شيء لكم في حال لا تقاتلون، والمراد أنّ الذي هو لكم هو أن تقاتلوا، فهو بمنزلة أمرٍ، أي قاتلوا في سبيل الله لا يصدّكم شيء عن القتال، وقد تقدّم قريب منه عند قوله تعالى :﴿ قالوا وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله ﴾ في سورة [ البقرة : ٢٤٦ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٨٦ ـ ١٨٧﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿وما لَكُمْ لاَ تقاتلون﴾ يدل على أن الجهاد واجب، ومعناه أنه لا عذر لكم في ترك المقاتلة وقد بلغ حال المستضعفين من الرجال والنساء والولدان من المسلمين إلى ما بلغ في الضعف، فهذا حث شديد على القتال، وبيان العلة التي لها صار القتال واجبا، وهو ما في القتال من تخليص هؤلاء المؤمنين من أيدي الكفرة، لأن هذا الجمع إلى الجهاد يجري مجرى فكاك الأسير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٤٥﴾
فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله ﴾ حَضٌّ على الجهاد.
وهو يتضمّن تخليص المستضعَفين من أيدي الكَفَرة المشركين الذين يسومونهم سوء العذاب، ويفتنونهم عن الدّين ؛ فأوجب تعالى الجهاد لإعلاء كلمته وإظهار دينه واستنقاذ المؤمنين الضّعفاء من عباده، وإن كان في ذلك تَلف النفوس.
وتخليص الأسارى واجب على جماعة المسلمين إما بالقتال وإما بالأموال ؛ وذلك أوجب لكونها دون النفوس إذ هي أهون منها.
قال مالك : واجب على الناس أن يَفْدُوا الأسارى بجميع أموالهم.
وهذا لا خلاف فيه ؛ لقوله عليه السلام :" فُكوا العاني " وقد مضى في "البقرة" وكذلك قالوا : عليهم أن يُواسُوهم فإن المواساة دون المفاداة.
فإن كان الأسير غنياً فهل يرجع عليه الفادي أم لا ؛ قولان للعلماء، أصحّهما الرجوع. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٧٩﴾.