" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
" ما " : مبتدأ، و" لكم " خَبَرُه، أي : أيّ شَيْءٍ استقرَّ لكم، وجُمْلَة قوله :" لا تقاتلون " فيها وجْهَان :
أظهرُهُمَا : أنها في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ، أي : مَا لَكُمْ غير مُقاتِلِين، أنكر عليهِمْ أن يُكُونُوا على غير هذه الحَالَةِ، وقد صرَّح بالحَالِ بعد هذا التركيب في قوله :﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ ﴾ [ المدثر : ٤٩ ] وقال في مثل هذه الحال : إنَّها لازمة ؛ لأنَّ الكلام لا يتمُّ دونَها، وفيه نَظَرٌ، والعَامِل في هذه الحالِ، الاستقرار المقدَّر ؛ كقولك : ما لك ضاحِكاً.
والوجه الثاني : أن الأصل :" وما لكم في ألا تقاتلوا " فَحُذِفَت " في " فبقي " ألا تقاتلوا " فجرى فيها الخِلاف المَشْهُور، ثم حُذِفَت " أنْ " النَّاصِبَة، فارْتَفَعَ الفِعْل بَعْدَهَا ؛ كقولهم : تَسْمَعُ بالمُعَيْدِيِّ خَيرٌ من أنْ تَرَاهُ، وقوله :[ الطويل ]
١٨٣٠ - أيُّهَذَا الزَّاجِرِي أحْضُرُ الْوَغَى...............................
في إحدى الروايتين، وهذا يؤيِّد كَوْنَ الحَالِ ليست بلازِمة.
قوله :" والمستضعفين " فيه ثلاثة أوجه :
أظهرها : أنه مَجْرورُ عطفاً [ على اسْمِ الله، أي : وفي سَبيلِ المُسْتَضْعَفين.
والثاني : وإليه ذَهَبَ الزجاج والمَبرِّد أن يكون مَجْرُوراً عطفاً ] على نَفْسِ " سَبِيل ".
قال أبو البَقَاء بعد أن حَكَاهُ عن المُبَرِّد وحده :"وليس بشيء" كأنه لم يظهر لأبي البقاء وجهُ ذلك، ووجهُ أنَّ تقديره :"وفي خلاص المستضعفين" والثالث- وإليه ذهب الزمخشري- : أن يكونَ منصوباً على الاختصاص تقديره : وأَخُصُّ من سبيلِ الله خلاص المستضعفين، لأنَّ سبيلَ اللَّهِ عامٌّ في كلِ خير، وخلاص المستضعفين من المسلمين من أيدي الكفار من أعظم الخيور. والجمهورُ على "والمستضعفين" بواو العطف
والجُمْهُورُ على :" والمستضعفين " بواو العَطْفِ.
وقرأ ابن شهاب :" في سبيل الله المستضعفين " وفيها تخريجان :
أحدهما : أن يكُونَ حَرْفُ العَطْفِ مقدراً ؛ كقولهم :" أكلت لَحْمَاً تَمْراً سَمَكاً ".
والثاني : أن يكونَ بَدَلاً من " سبيل الله " أي : في سَبِيل الله سبيلِ المُسْتضْعَفِين ؛ لأنَّ سَبِيلَهم سَبِيلُ الله - تعالى -.
قوله :﴿ مِنَ الرجال ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه حالٌ من المُسْتضْعَفين.