وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ الذين آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله ﴾ أي في طاعته.
﴿ والذين كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطاغوت ﴾ قال أبو عبيدة والكِسائي : الطاغوت يذكّر ويؤنث.
قال أبو عبيد : وإنما ذكِّر وأُنّث لأنهم كانوا يسمّون الكاهن والكاهنة طاغوتا.
قال : حدثنا حجّاج عن ابن جُريج قال حدثنا أبو الزبير أنه سمع جابر ابن عبد الله وسئل عن الطاغوت التي كانوا يتحاكمون إليها فقال : كانت في جُهينة واحدة وفي أسْلم واحدة، وفي كل حي واحدة.
قال أبو إسحاق : الدليل على أنه الشيطان قوله عز وجل :﴿ فقاتلوا أَوْلِيَاءَ الشيطان إِنَّ كَيْدَ الشيطان كَانَ ضَعِيفاً ﴾ أي مكره ومكر من اتبعه.
ويقال : أراد به يوم بدر حين قال للمشركين ﴿ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ الفئتان نَكَصَ على عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بريء مِّنْكُمْ ﴾ [ الأنفال : ٤٨ ] على ما يأتي. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٨٠﴾.
وقال أبو حيان :
﴿ الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ﴾ لما أمر تعالى المؤمنين أولاً بالنفر إلى الجهاد، ثم ثانياً بقوله :﴿ فليقاتل في سبيل الله ﴾ ثم ثالثاً على طريق الحث والحض بقوله :﴿ وما لكم لا تقاتلون ﴾ أخبر في هذه الآية بالتقسيم أن المؤمن هو الذي يقاتل في سبيل الله، وأن الكافر هو الذي يقاتل في سبيل الطاغوت، ليبين للمؤمنين فرق ما بينهم وبين الكفار، ويقويهم بذلك ويشجعهم ويحرضهم.
وإنّ مَن قاتل في سبيل الله هو الذي يغلب، لأن الله هو وليه وناصره.
ومن قاتل في سبيل الله الطاغوت فهو المخذول المغلوب.
والطاغوت هنا الشيطان لقوله : فقاتلوا أولياء الشيطان.


الصفحة التالية
Icon