" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :" فانفروا [ ثبات ] " يقال : نَفَر القَوْم يَنْفِرُون نَفْراً ونَفِيراً، إذا نَهَضُوا لِقِتَال عَدُّوِّ، وخَرَجُوا للحَرْبِ، واستنْفَر الإمَامُ النَّاس لجِهَاد العَدُوّ، فَنَفَرُوا يَنْفِرُون : إذا حَثَّهُم على النَّفِير وَدَعَاهُم إلَيْه ؛ ومنه قوله - عليه السلام - :" [ و] إذا اسْتُنْفِرْتُم فانفرُوا " والنَّفِير : اسم للقَوْمِ الَّذِين يَنْفِرُون ؛ ومنه يُقال " فلان فِي العِيرِ ولا فِي النَّفِيرِ.
وقال النُّحَاة : أصْلُ هذا الحَرْفِ من النُّفُور والنِّفَارِ ؛ وهو الفَزَع، يقال :[ نَفر ] إليه ؛ ونَفَر مِنْهُ ؛ إذا فَزع منه وكَرِهَهُ، وفي مُضَارعه لُغَتَان " ضمُّ العَيْنِ وكَسْرِهَا، وقيل : يُقَال : نَفر الرَّجُل يَنْفِرُ بالكَسْرِ، ونَفَرَت الدَّابَّة تَنْفُر بالضَّمِّ [ ففرَّقُوا بَيْنَهُما في المُضَارع، وهذا الفَرْق يردُّه قِرَاءَة الأعْمَش :" فانفُروا " " أو انفُروا " بالضم ] فيهما، والمَصْدَر النَّفِير، والنُّفُور، والنَّفْر : الجماعة كالقَوْم والرَّهْط.
[ قوله ] :" ثبات " نصب على الحَالِ، وكذا " جميعاً " والمَعْنَى " انْفِرُوا جَمَاعَاتٍ [ متفرِّقَة ] [ أي ] سَرِيّة بعد سَرِيّة، أو مُجْتَمِعِين كَوْكَبَةً وَاحِدَة، وهذا المَعْنَى الَّذي أراد الشَّاعِر في قوله :[ البسيط ]
............................ طَارُوا إلَيْه زَرَافاتٍ وَوُحْدَانَا
ومثله قوله :﴿ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ﴾ أي : على أيّ الحَالَتَيْن كُنْتُم فَصَلُّوا.
قال أبُو حَيَّان : ولم يُقْرَأ " ثبات " فيما عَلِمْت إلا بكَسْر التَّاء. انتهى.
وهذه هي اللُّغَةُ الفَصيحَة، وبَعْض العَرَب يَنْصِب جَمْع المُؤنَّث السَّالم إذا كان مُعْتَلَّ اللام مُعوضاً منها تاء التأنيث بالفَتْحَة، وأنشد الفرَّاء :[ الطويل ]
فَلَمَّا جَلاَهَا بالأيَّام تَحَيَّزَتْ... ثُبَاتاً عَلَيْهَا ذُلُّهَا واكْتئابُهَا


الصفحة التالية
Icon