قال الواحدي : وكلا القراءتين قد جاء به التنزيل.
قال :﴿قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ﴾ [ يونس : ٥٧ ] وقال في آية أخرى :﴿فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مّنْ رَّبّهِ﴾ [ البقرة : ٢٧٥ ] فالتأنيث هو الأصل والتذكير يحسن إذا كان التأنيث غير حقيقي، سيما إذا وقع فاصل بين الفعل والفاعل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٤٣﴾
فصل
قال الفخر :
قرأ الحسن ﴿لَّيَقُولَنَّ﴾ بضم اللام أعاد الضمير إلى معنى "من" لأن قوله :﴿لَمَن لَّيُبَطّئَنَّ﴾ في معنى الجماعة، إلا أن هذه القراءة ضعيفة لأن "من" وإن كان جماعة في المعنى لكنه مفرد في اللفظ، وجانب الافراد قد ترجح في قوله :﴿قَالَ قَدْ أَنْعَمَ الله عَلَىَّ﴾ [ النساء : ٧٢ ] وفي قوله :﴿ياليتنى كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٤٣﴾
سؤال : لقائل أن يقول : لو كان التنزيل هكذا : ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما كان النظم مستقيما حسنا، فكيف وقع قوله :﴿كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ﴾ في البين ؟
وجوابه : أنه اعتراض وقع في البين وهو في غاية الحسن، بيانه أنه تعالى حكى عن هذا المنافق أنه إذا وقعت للمسلمين نكبة أظهر السرور الشديد بسبب أنه كان متخلفا عنهم، ولو فازوا بغنيمة ودولة أظهر الغم الشديد بسبب فوات تلك الغنيمة، ومثل هذه المعاملة لا يقدم عليها الإنسان إلا في حق الأجنبي العدو، لأن من أحب إنسانا فرح عند فرحه وحزن عند حزنه، فأما إذا قلبت هذه القضية فذاك إظهار للعداوة.