والثاني : أن يكون ﴿خُذُواْ حِذْرَكُمْ﴾ بمعنى احذروا عدوكم لأن هذا الأمر بالحذر يتضمن الأمر بأخذ السلاح، لأن أخذ السلاح هو الحذر من العدو، فالتأويل أيضا يعود إلى الأول، فعلى القول الأول الأمر مصرح بأخذ السلاح، وعلى القول الثاني أخذ السلاح مدلول عليه بفحوى الكلام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٤١﴾
لطيفة
قال البيضاوى :
والآية وإن نزلت في الحرب لكن يقتضي إطلاق لفظها وجوب المبادرة إلى الخيرات كلها كيفما أمكن قبل الفوات. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٢ صـ ٢١٦﴾
إشكال وجوابه
قال الفخر :
لقائل أن يقول : ذلك الذي أمر الله تعالى بالحذر عنه إن كان مقتضى الوجود لم ينفع الحذر، وإن كان مقتضى العدم لا حاجة إلى الحذر، فعلى التقديرين الأمر بالحذر عبث وعنه عليه الصلاة والسلام قال :" المقدور كائن والهم فضل " وقيل أيضا : الحذر لا يغني من القدر فنقول : إن صح هذا الكلام بطل القول بالشرائع، فإنه يقال : إن كان الإنسان من أهل السعادة في قضاء الله وقدره فلا حاجة إلى الإيمان، وإن كان من أهل الشقاوة لم ينفعه الإيمان والطاعة، فهذا يفضي إلى سقوط التكليف بالكلية، والتحقيق في الجواب أنه لما كان الكل بقدر كان الأمر بالحذر أيضا داخلا في القدر، فكان قول القائل : أي فائدة في الحذر كلاما متناقضا، لأنه لما كان هذا الحذر مقدرا فأي فائدة في هذا السؤال الطاعن في الحذر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٤١﴾

فصل


قال القرطبى :
والحذر لا يدفع القدر خلافا للقدرية في قولهم : إن الحذر يدفع ويمنع من مكائد الأعداء، ولو لم يكن كذلك ما كان لأمرهم بالحذر معنى.


الصفحة التالية
Icon