قوله تعالى ﴿وَمَن يقاتل فِى سَبِيلِ الله فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾
قال الفخر :
والمعنى من يقاتل في سبيل الله فسواء صار مقتولا للكفار أو صار غالبا للكفار فسوف نؤتيه أجرا عظيما، وهو المنفعة الخالصة الدائمة المقرونة بالتعظيم، ومعلوم أنه لا واسطة بين هاتين الحالتين، فإذا كان الأجر حاصلا على كلا التقديرين لم يكن عمل أشرف من الجهاد.
وهذا يدل على أن المجاهد لا بد وأن يوطن نفسه على أنه لا بد من أحد أمرين، إما أن يقتله العدو، وإما أن يغلب العدو ويقهره، فإنه إذا عزم على ذلك لم يفر عن الخصم ولم يحجم عن المحاربة، فأما إذا دخل لا على هذا العزم فما أسرع ما يقع في الفرار، فهذا معنى ما ذكره الله تعالى من التقسيم في قوله :﴿فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٤٥﴾
وقال أبو السعود :
﴿ وَمَن يقاتل فِى سَبِيلِ الله فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ ﴾ بنون العظمةِ التفاتاً ﴿ أَجْراً عَظِيماً ﴾ لا يقادَرُ قَدْرُه، وتعقيبُ القتالِ بأحد الأمرين للإشعار بأن المجاهدَ حقُّه أن يوطِّن نفسَه بإحدى الحسنيين ولا يُخطِرَ بباله القسمَ الثالثَ أصلاً، وتقديمُ القتلِ للإيذان بتقدّمه في استتباع الأجرِ، روى أبو هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ الله ﷺ قال :" تكفّل الله تعالى لمن جاهد في سبيله لا يُخرِجُه إلا جهادٌ في سبيله وتصديقُ كلمتِه أن يُدخِلَه الجنةَ أو يُرجِعَه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة ". أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ٢٠١﴾