وقال الآلوسى :
﴿ وَمَن يقاتل فِى سَبِيلِ الله فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ ﴾ ولا بدّ، وفي الالتفات مزيد التفات ﴿ أَجْراً عَظِيماً ﴾ لا يكاد يعلم كمية وكيفية ؛ وفي تعقيب القتال بما ذكر تنبيه على أن المجاهد ينبغي أن يكون همه أحد الأمرين إما إكرام نفسه بالقتل والشهادة، أو إعزاز الدين وإعلاء كلمة الله تعالى بالنصر ولا يحدث نفسه بالهرب بوجه، ولذا لم يقل : فيغلب، ﴿ أَو يَغْلِبْ ﴾ وتقديم القتل للإيذان بتقدمه في استتباع الأجر، وفي الآية تكذيب للمبطىء بقوله :﴿ قَدْ أَنْعَمَ الله ﴾ [ النساء : ٧٢ ] الخ. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٨١﴾
فصل
قال القرطبى :
ظاهر الآية يقتضي التسوية بين من قُتل شهيداً أو انقلب غانما.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :" تضمّن الله لمن خرج في سبيله لا يُخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمانٌ بي وتصديقٌ برسلي فهو علي ضامن أن أُدخِله الجنة أو أُرْجِعَه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة " وذكر الحديث.
وفيه عن عبد الله بن عمرو " أن رسول الله ﷺ قال :"ما من غازية تَغْزُو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجّلوا ثلثي أجرِهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تمّ لهم أجرهم" " فقوله :" نائلا ما نال من أجر أو غنيمة " يقتضي أن لمن لم يستشهد من المجاهدين أحدَ الأمرين ؛ إما الأجر إن لم يغنم، وإما الغنيمة ولا أجر، بخلاف حديث عبد الله بن عمرو، ولما كان هذا قال قوم : حديث عبد الله بن عمرو ليس بشيء ؛ لأن في إسناده حُمَيْد بن هَانىء وليس بمشهور، ورجحّوا الحديث الأوّل عليه لشهرته.
وقال آخرون : ليس بينهما تعارض ولا اختلاف.