و "أو" في حديث أبي هريرة بمعنى الواو، كما يقوله الكوفيون وقد دلت عليه رواية أبي داود فإنه قال فيه :" من أجر وغنيمة " بالواو الجامعة.
وقد رواه بعض رواة مسلم بالواو الجامعة أيضاً.
وحُمَيْد بن هانىء مصري سمع أبا عبد الرحمن الحُبْلى وعمرو بن مالك، ورَوَى عنه حَيْوة بن شُريح وابن وهب ؛ فالحديث الأوّل محمول على مجرّد النيّة والإخلاص في الجهاد ؛ فذلك الذي ضمن الِّله له إما الشهادة، وإما ردّه إلى أهله مأجوراً غانماً ؛ ويُحمَل الثاني على ما إذا نَوَى الجهاد ولكن مع نيل المَغْنَم، فلما انقسمت نيّته انحطّ أجره ؛ فقد دلّت السنّة على أن للغانم أجراً كما دلّ عليه الكتاب فلا تعارض.
ثم قيل : إن نقص أجر الغانم على من يغنم إنما هو بما فتح الله عليه من الدنيا فتمتَّع به وأزال عن نفسه شَظَف عيشه ؛ ومن أخفق فلم يُصبِ شيئاً بقي على شَظَف عيشه والصّبر على حالته، فبقي أجره مُوَفَّراً بخلاف الأوّل.
ومثله قوله في الحديث الآخر :" فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئاً منهم مِصْعَب بن عُمَير ومنا من أَيْنَعَت له تمرته فهو يَهْدِبُها ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٧٧ ـ ٢٧٨﴾.
وقال ابن كثير
﴿ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ أي : كل من قاتل في سبيل الله -سواء قتل أو غَلَب وسَلَب-فله عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل، كما ثبت في الصحيحين (١) وتكفل الله للمجاهد في سبيله، إن توفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة. أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ٢ صـ ٣٥٨﴾
(١) رواه البخاري في صحيحه برقم (٧٤٦٣، ٧٤٥٧) ومسلم في صحيحه برقم (١٨٧٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.