الأول : أنه تعالى قال حكاية عن ابراهيم عليه السلام :﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [ الشعراء : ٨٠ ] أضاف المرض إلى نفسه والشفاء إلى الله، فلم يقدح ذلك في كونه تعالى خالقا للمرض والشفاء، بل إنما فصل بينهما رعاية الأدب، فكذا ههنا، فإنه يقال : يا مدبر السموات والأرض، ولا يقال يا مدبر القمل والصبيان والخنافس، فكذا ههنا.
الثاني : أكثر المفسرين قالوا في تفسير قول إبراهيم :﴿هذا رَبّى﴾ أنه ذكر هذا استفهاما على سبيل الإنكار، كأنه قال : أهذا ربي، فكذا ههنا، كأنه قيل : الإيمان الذي وقع على وفق قصده قد بينا أنه ليس واقعا منه، بل من الله، فهذا الكفر ما قصده وما أراده وما رضي به ألبتة، أفيدخل في العقل أن يقال : إنه وقع به ؟ فانا بينا أن الحسنة في هذه الآية يدخل فيها الإيمان، والسيئة يدخل فيها الكفر، أما قراءة من قرأ ﴿فَمَنْ نَفْسِك﴾ فنقول : إن صح أنه قرأ بهذه الآية واحد من الصحابة والتابعين فلا طعن فيه، وإن لم يصح ذلك فالمراد أن من حمل الآية على أنها وردت على سبيل الاستفهام على وجه الإنكار ذكر في تفسير الاستفهام على سبيل الإنكار هذا الكلام، لأنه لما أضاف السيئة إليهم في معرض الاستفهام على سبيل الإنكار كان المراد أنها غير مضافة إليهم، فذكر هذا القائل قوله :﴿فَمَنْ نَفْسِك﴾ لا على اعتقاد أنه من القرآن، بل لأجل أنه يجري مجرى التفسير لقولنا : إنه استفهام على سبيل الإنكار، ومما يدل دلالة ظاهرة على أن المراد من هذه الآيات إسناد جميع الأمور إلى الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٥٢ ـ ١٥٣﴾
وقال القرطبى :


الصفحة التالية
Icon