قوله تعالى :﴿ مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ أي ما أصابك يا محمد من خِصب ورخاءٍ وصحةٍ وسلامةٍ فبفضل الله عليك وإحسانه إليك، وما أصابك من جَدْب وشدّة فبذنب أتيته عوقبت عليه.
والخطاب للنبيّ ﷺ والمراد أُمّته.
أي ما أصابكم يا معشر الناس من خصب واتساع رزق فمن تفضل الله عليكم، وما أصابكم من جدب وضيق رزق فمن أنفسكم ؛ أي من أجل ذنوبكم وقع ذلك بكم.
قاله الحسن والسَّدِّي وغيرهما ؛ كما قال تعالى :﴿ يا أيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء ﴾ [ الطلاق : ١ ].
وقد قيل : الخطاب للإنسان والمراد به الجنس ؛ كما قال تعالى :﴿ والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ ﴾ [ العصر : ١ ] أي إن الناس لفي خسر، ألا تراه استثنى منهم فقال "إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا" ولا يستثنى إلا من جملة أو جماعة.
وعلى هذا التأويل يكون قوله ﴿ مَآ أَصَابَكَ ﴾ استئنافاً.
وقيل : في الكلام حذف تقديره يقولون ؛ وعليه يكون الكلام متصلاً ؛ والمعنى فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً حتى يقولوا ما أصابك من حسنة فمن الله.
وقيل : إن ألف الاستفهام مضمرة ؛ والمعنى أفمن نفسك ؟ ومثله قوله تعالى :﴿ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ ﴾ [ الشعراء : ٢٢ ] والمعنى أو تلك نعمة ؟ وكذا قوله تعالى :﴿ فَلَمَّآ رَأَى القمر بَازِغاً قَالَ هذا رَبِّي ﴾ [ الأنعام : ٧٧ ] أي أهذا ربي ؟ قال أبو خِراشٍ الهُذلِيّ :
رَمَوْني وقالوا يا خُوَيلد لم تُرَع...
فقلت وأنكرتُ الوجوهَ هُمُ هُمُ
أراد "أهم" فأضمر ألف الاستفهام وهو كثير وسيأتي.
قال الأخفش "ما" بمعنى الذي.
وقيل : هو شرط.