قال النحاس : والصواب قول الأخفش ؛ لأنه نزل في شيء بعينه من الجدب، وليس هذا من المعاصي في شيء ولو كان منها لكان وما أصبت من سيئة.
وروى عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس وأُبَيّ وابن مسعود ﴿ مَّآ أصابك مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وَمَآ أصابك مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَنَا كتبتها عَلَيْكَ ﴾ فهذه قراءة على التفسير، وقد أثبتها بعض أهل الزيغ من القرآن، والحديثُ بذلك عن ابن مسعود وأُبيٍّ منقطع ؛ لأن مجاهداً لم ير عبد الله ولا أُبَيّاً.
وعلى قول من قال : الحسنة الفتح والغنيمة يوم بدر، والسيئة ما أصابهم يوم أُحد ؛ أنهم عوقبوا عند خلاف الرُّماة الذين أمرهم رسول الله ﷺ أن يحموا ظهرهُ ولا يبرحوا من مكانهم، فرأوا الهزيمة على قريش والمسلمون يغنمون أموالهم فتركوا مصافهم، فنظر خالد بن الوليد وكان مع الكفار يومئذ ظَهْر رسول الله ﷺ قد انكشف من الرُّماة فأخذ سَريّة من الخيل ودار حتى صار خلف المسلمين وحمل عليهم، ولم يكن خلف رسول الله ﷺ من الرّماة إلا صاحبُ الراية، حفظ وصيّة رسول الله ﷺ فوقف حتى استُشهد مكانه ؛ على ما تقدّم في "آل عمران" بيانه.
فأنزل الله تعالى نظيرَ هذه الآية وهو قوله تعالى :﴿ أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ ﴾ يعني يوم أُحُد ﴿ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا ﴾ يعني يوم بدر ﴿ قُلْتُمْ أنى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٦٥ ].