والمعنى إذا سمعوا خبَراً عن سَرايا المسلمين من الأمن، أي الظَّفَر الذي يوجب أمن المسلمين أو الخوف وهو ما يوجب خوف المسلمين، أي اشتداد العدوّ عليهم، بادروا بإذاعته، أو إذا سمعوا خَبراً عن الرسول عليه السلام وعن أصحابه، في تدبير أحوال المسلمين من أحوال الأمن أو الخوف، تحدّثوا بتلك الأخبار في الحالين، وأرجفوها بين الناس لقصد التثبيط عن الاستعداد، إذا جاءت أخبار أمن حتّى يؤخذ المؤمنون وهم غَارَّون، وقصد التجبين إذا جاءت أخبار الخوف، واختلاف المعَاذير للتهيئة للتخلّف عن الغزو إذا استنفروا إليه، فحذّر الله المؤمنين من مكائد هؤلاء، ونبّه هؤلاء على دخيلتهم، وقَطَع معذرتهم في كيدهم بقوله :﴿ ولو ردّوه إلى الرسول ﴾ الخ. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢٠١ ـ ٢٠٢﴾
وقال ابن عطية :
وقوله تعالى :﴿ وإذا جاءهم أمر من الأمن ﴾ الآية، قال جمهور المفسرين : الآية في المنافقين حسبما تقدم من ذكرهم، والآية نازلة في سرايا رسول الله ﷺ وبعوثه، والمعنى : أن المنافقين كانوا يشرهون إلى سماع ما يسوء النبي في سراياه، فإذا طرأت لهم شبهة أمن للمسلمين أو فتح عليهم، حقروها وصغروا شأنها وأذاعوا بذلك التحقير والتصغير، وإذا طرأت لهم شبهة خوف المسلمين أو مصيبة عظموها وأذاعوا ذلك التعظيم، و﴿ أذاعوا به ﴾ معناه : أفشوه، وهو فعل يتعدى بحرف جر وبنفسه أحياناً، تقول أذاعت كذا وأذعت به، ومنه قول أبي الأسود :[ الطويل ]
أَذَاعُوا بِهِ في النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهُ... بِعَلْيَاءِ نَارٍ أَوقِدَتْ بِثُقُوبِ
وقالت فرقة : الآية نازلة في المنافقين، وفي من ضعف جلده عن الإيمان من المؤمنين وقلت تجربته.