وقال السدي وابن زيد وأبو علي الجبائي : المراد بهم أمراء السرايا والولاة، وعلى الأول : المعول ﴿ لَعَلِمَهُ ﴾ أي لعلم تدبير ذلك الأمر الذي أخبروا به ﴿ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ أي يستخرجون تدبيره بفطنتهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايده، أو لو ردوه إلى الرسول ﷺ ومن ذكر، وفوضوه إليهم وكانوا كأن لم يسمعوا لعلم الذي يستنبطون تدبيره كيف يدبرونه وما يأتون وما يذرون، أو : لو ردوه إلى الرسول ﷺ وإلى كبار أصحابه رضي الله تعالى عنهم وقالوا نسكت حتى نسمعه منهم ونعلمه هل مما يذاع أو لا يذاع لعلم صحته، وهل هو مما يذاع أو لا هؤلاء المذيعون وهم الذين يستنبطونه من الرسول وأولي الأمر أي يتلقونه منهم ويستخرجون علمه من جهتهم، أو لو عرضوه على رأيه عليه الصلاة والسلام مستكشفين لمعناه وما ينبغي له من التدبير، وإلى أجلة صحبه رضي الله تعالى عنهم لعلم الرادون معناه وتدبيره وهم الذين يستنبطونه ويستخرجون علمه وتدبيره من جهة الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن تشرف بالعطف عليه، والتعبير بالرسالة لما أنها من موجبات الرد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٩٤﴾
فصل
قال الفخر :
الاستنباط في اللغة الاستخراج ؛ يقال : استنبط الفقيه إذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه، وأصله من النبط وهو الماء الذي يخرج من البئر أول ما تحفر، والنبط إنما سموا نبطا لاستنباطهم الماء من الأرض. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٥٩﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
والاستنباط حقيقته طلب النَّبَط بالتحريك ؛ وهو أول الماء الذي يخرج من البئر عند الحفر ؛ وهو هنا مجاز في العلم بحقيقة الشيء ومعرفة عواقبه، وأصله مكنية : شبّه الخبر الحادث بحفير يُطلب منه الماء، وذكْر الاستنباط تَخييلٌ.