وهكذا رواه أيضا عن أبي معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال : خرج رسولُ الله ﷺ ذات يوم، والناس يتكلمون في القدر، فكأنما يُفْقَأ في وجهه حب الرُّمان من الغضب، فقال لهم :"ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض ؟ بهذا هلك من كان قبلكم". قال : فما غبطت نفسي بمجلس فيه رسول الله ﷺ ولم أشهده ما غبطت نفسي بذلك المجلس، أني لم أشهده.
ورواه ابن ماجه من حديث داود بن أبي هند، به نحوه (٢).
_________
(٢) المسند (٢/١٧٨) وسنن ابن ماجه برقم (٨٥).
وقال أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي عمْران الجَوْني قال : كتب إلي عبد الله بن رَبَاح، يحدث عن عبد الله بن عمرو قال : هَجَّرتُ إلى رسول الله ﷺ يوما، فإنا لجلوس إذ اختلف اثنان في آية، فارتفعت أصواتهما فقال :"إنما هلكت الأمم قبلكم باختلافهم في الكتاب" ورواه مسلم والنسائي، من حديث حماد بن زيد، به (١). أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ٢ صـ ٣٦٤ ـ ٣٦٥﴾

فصل


قال الفخر :
قال أبو علي الجبائي : دلت الآية على أن أفعال العباد غير مخلوقة لله تعالى لأن قوله تعالى :﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً﴾ يقتضي أن فعل العبد لا ينفك عن الاختلاف، والاختلاف والتفاوت شيء واحد، فإذا كان فعل العبد لا ينفك عن الاختلاف والتفاوت، وفعل الله لا يوجد فيه التفاوت لقوله تعالى :﴿مَّا ترى فِى خَلْقِ الرحمن مِن تفاوت﴾ [ الملك : ٣ ] فهذا يقتضي أن فعل العبد لا يكون فعلا لله.
___
(١) المسند (٢/١٩٢) وصحيح مسلم برقم (٢٦٦٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٠٩٥).


الصفحة التالية
Icon