وقال الآلوسى :
وقرىء ﴿ لاَ تُكَلَّفُ ﴾ بالجزم على أن لا ناهية والفعل مجزوم بها أي لا تكلف أحداً الخروج إلا نفسك، وقيل : هو مجزوم في جواب الأمر وهو بعيد، و( لا نكلف ) بالنون على بناء الفاعل فنفسك مفعول ثان بتقدير مضاف، وليس في موقع المفعول الأول أي لا نكلفك إلا فعل نفسك لا أنا لا نكلف أحداً إلا نفسك، وقيل : لا مانع من ذلك على معنى لا نكلف أحداً هذا التكليف إلا نفسك.
والمراد من هذا التكليف مقاتلته وحده. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٩٦﴾
فائدة
قال الآلوسى :
ومعنى ﴿ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ ﴾ لا تكلف إلا فعلها إذ لا تكليف بالذوات، وهو استثناء مقرر لما قبله فإن اختصاص تكليفه عليه الصلاة والسلام بفعل نفسه من موجبات مباشرته ﷺ للقتال وحده، وفيه دلالة على أن ما فعلوه من التثبيط والتقاعد لا يضره ﷺ ولا يؤاخذ به، وذهب بعض المحققين إلى أن الكلام مجاز أو كناية عن ذلك فلا يرد أنه مأمور بتكليف الناس، فكيف هذا ولا حاجة إلى ما قيل، بل في ثبوته فقال : إنه عليه الصلاة والسلام كان مأموراً بأن يقاتل وحده أولاً، ولهذا قال الصديق رضي الله تعالى عنه في أهل الردة : أقاتلهم وحدي ولو خالفتني يميني لقاتلتها بشمالي، وجعل أبو البقاء هذه الجملة في موضع الحال من فاعل قاتل أي فقاتل غير مكلف إلا نفسك. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٩٦﴾
فائدة
قال الفخر :
دلت الآية على أنه لو لم يساعده على القتال غيره لم يجز له التخلف عن الجهاد ألبتة، والمعنى لا تؤاخذ إلا بفعلك دون فعل غيرك، فإذا أديت فعلك لا تكلف بفرض غيرك.