الخامس : قال الحسن ومجاهد والكلبي وابن زيد : المراد هو الشفاعة التي بين الناس بعضهم لبعض، فما يجوز في الدين أن يشفع فيه فهو شفاعة حسنة، وما لا يجوز أن يشفع فيه فهو شفاعة سيئة، ثم قال الحسن : من يشفع شفاعة حسنة كان له فيها أجر، وإن لم يشفع، لأن الله تعالى يقول :﴿مَّن يَشْفَعْ﴾ ولم يقل : ومن يشفع، ويتأيد هذا بقوله عليه الصلاة والسلام :" اشفعوا تؤجروا ".
وأقول : هذه الشفاعة لا بد وأن يكون لها تعلق بالجهاد وإلا صارت الآية منقطعة عما قبلها، وذلك التعلق حاصل بالوجهين الأولين، فأما الوجوه الثلاثة الأخيرة فإن كان المراد قصر الآية عليها فذلك باطل، وإلا صارت هذه الآية أجنبية عما قبلها، وإن كان المراد دخول هذه الثلاثة مع الوجهين الأولين في اللفظ فهذا جائز ؛ لأن خصوص السبب لا يمنع عموم اللفظ. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٦٤ ـ ١٦٥﴾

فصل


قال القرطبى :
واختلف المتأوّلون في هذه الآية ؛ فقال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم هي في شفاعات الناس بينهم في حوائجهم ؛ فمن يشفع لينفع فله نصيب، ومن يشفع ليضر فله كِفْل.
وقيل : الشفاعة الحسنة هي في البر والطاعة، والسيئة في المعاصي.
فمن شَفَع شفاعة حسنة ليصلح بين اثنين استوجب الأجر، ومن سعى بالنميمة والغِيبة أثم، وهذا قريب من الأوّل.
وقيل : يعني بالشفاعة الحسنة الدعاءَ للمسلمين، والسيئةِ الدعاءَ عليهم.
وفي صحيح الخبر :" من دعا بظهر الغيب استجيب له وقال الملك آمين ولك بمثل " هذا هو النصيب، وكذلك في الشر ؛ بل يرجع شؤم دعائه عليه.
وكانت اليهود تدعو على المسلمين.
وقيل : المعنى من يكن شَفْعاً لصاحبه في الجهاد يكن له نصيبه من الأجر، ومن يكن شفعاً لآخرَ في باطل يكن له نصيبه من الوِزر.


الصفحة التالية
Icon