﴿ فَخُذُوهُمْ واقتلوهم حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ ﴾ أي وجدتموهم وأصبتموهم حيث تمكنتم منهم، وعن بعض المحققين إن هذه الآية مقابلة للآية الأولى، وبينهما تقابل إما بالإيجاب والسلب، وإما بالعدم والملكة لأن إحداهما عدمية والأخرى وجودية وليس بينهما تقابل التضاد ولا تقابل التضايف لأنهما على ما قرروا لا يوجدان إلا بين أمرين وجوديين فقوله سبحانه :﴿ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ ﴾ مقابل لقوله تعالى :﴿ فَإِنِ اعتزلوكم ﴾ [ النساء : ٩٠ ] وقوله جل وعلا :﴿ وَيُلْقُواْ ﴾ مقابل لقوله عز شأنه :﴿ وَأَلْقَوْاْ ﴾ [ النساء : ٩٠ ] وقوله جل جلاله :﴿ وَيَكُفُّواْ ﴾ مقابل لقوله عز من قائل :﴿ فَلَمْ يقاتلوكم ﴾ [ النساء : ٩٠ ] والواو لا تقتضي الترتيب، فالمقدم مركب من ثلاثة أجزاء في الآيتين، وهي في الآية الأولى الاعتزال وعدم القتال وإلقاء السلم فبهذه الأجزاء الثلاثة تم الشرط، وجزاؤه عدم التعرض لهم بالأخذ والقتل كما يشير إليه قوله تعالى :﴿ فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ﴾ [ النساء : ٩٠ ] وفي الآية الثانية عدم الاعتزال وعدم إلقاء السلم وعدم الكف عن القتال، فبهذه الأجزاء الثلاثة تم الشرط، وجزاؤه الأخذ والقتل المصرح به بقوله سبحانه :﴿ فَخُذُوهُمْ واقتلوهم ﴾.