إنه تعالى لما قال قبل هذه الآية :﴿أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ الله﴾ [ النساء : ٨٨ ] وكان ذلك استفهاما على سبيل الإنكار قرر ذلك الاستبعاد بأن قال : إنهم بلغوا في الكفر إلى أنهم يتمنون أن تصيروا أيها المسلمون كفارا، فلما بلغوا في تعصبهم في الكفر إلى هذا الحد فكيف تطمعون في إيمانهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٥﴾
قال الآلوسى :
﴿ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾ بيان لغلوهم وتماديهم في الكفر وتصديهم لإضلال غيرهم إثر بيان كفرهم وضلالتهم في أنفسهم، و﴿ لَوْ ﴾ مصدرية لا جواب لها أي تمنوا أن تكفروا ؛ وقوله تعالى :﴿ كَمَا كَفَرُواْ ﴾ نعت لمصدر محذوف، و( ما ) مصدرية أي كفراً مثل كفرهم، أو حال من ضمير ذلك المصدر كما هو رأي سيبويه، ولا دلالة في نسبة الكفر إليهم على أنه مخلوق لهم استقلالاً لا دخل لله تعالى فيه لتكون هذه الآية دليلاً على صرف ما تقدم عن ظاهره كما زعمه ابن حرب لأن أفعال العباد لها نسبة إلى الله تعالى باعتبار الخلق، ونسبة إلى العباد باعتبار الكسب بالمعنى الذي حققناه فيما تقدم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٠٨ ـ ١٠٩﴾
وقال ابن عطية :
الضمير في ﴿ ودوا ﴾ عائد على المنافقين، وهذا كشف من الله لخبث معتقدهم، وتحذير للمؤمنين منهم. والمعنى تمنوا كفركم، وهي غاية المصائب بكم، وهذا الود منهم يحتمل أن يكون عن حسد منهم لهم على ما يرون للمؤمنين من ظهور في الدنيا، فتجري الآية مع ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم ويحتمل أمر المنافقين أن يكون أنهم رأوا المؤمنين على غير شيء فودوا رجوعهم إلى عبادة الأصنام، والأول أظهر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٩٠﴾