فصل


قال الفخر :
قوله :﴿فَتَكُونُونَ سَوَاء﴾ رفع بالنسق على ﴿تَكْفُرُونِ﴾ والمعنى : ودّوا لو تكونون، والفاء عاطفة ولا يجوز أن يجعل ذلك جواب التمني، ولو أراد ذلك على تأويل إذا كفروا استووا لكان نصبا، ومثله قوله :﴿وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [ القلم : ٩ ] ولو قيل :﴿فيدهنوا﴾ على الجواب لكان ذلك جائزا في الاعراب، ومثله :﴿وَدَّ الذين كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ﴾ [ النساء : ١٠٢ ] ومعنى قوله :﴿فَتَكُونُونَ سَوَاء﴾ أي في الكفر، والمراد فتكونون أنتم وهم سواء الا أنه اكتفى بذكر المخاطبين عن ذكر غيرهم لوضوح المعنى بسبب تقدم ذكرهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٦﴾

فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾ أي تمنّوا أن تكونوا كَهُم في الكفر والنفاق شَرَعٌ سواء، فأمر الله تعالى بالبراءة منهم فقال :﴿ فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حتى يُهَاجِرُواْ ﴾ ؛ كما قال تعالى :﴿ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حتى يُهَاجِرُواْ ﴾ [ الأنفال : ٧٢ ] والهجرة أنواع : منها الهجرة إلى المدينة لنُصرة النبيّ ﷺ، وكانت هذه واجبة أوّل الإسلام حتى قال :" لا هجرة بعد الفتح " وكذلك هجرة المنافقين مع النبيّ ﷺ في الغزوات، وهجرة من أسلم في دار الحرب فإنها واجبة.
وهجرة المسلم ما حرّم الله عليه ؛ كما قال ﷺ :" والمهاجر من هجر ما حرم الله عليه " وهاتان الهجرتان ثابتتان الآن.
وهجرة أهل المعاصي حتى يرجعوا تأديباً لهم فلا يُكَلَّمون ولا يخالَطون حتى يتوبوا ؛ كما فعل النبيّ ﷺ مع كعب وصاحبيْه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٠٨﴾.


الصفحة التالية
Icon