قوله تعالى ﴿فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حتى يُهَاجِرُواْ فِى سَبِيلِ الله﴾
قال الآلوسى :
﴿ فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء ﴾ الفاء فصيحة، وجمع ﴿ أَوْلِيَاء ﴾ مراعاة لجمع المخاطبين فإن المراد نهي كل من المخاطبين عن اتخاذ كل من المنافقين ولياً أي إذا كان حالهم ما ذكر من الودادة فلا توالوهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٠٩﴾
وقال ابن عطية :
وقوله :﴿ فلا تتخذوا ﴾ الآية. هذا نهي عن موالاتهم حتى يهاجروا، لأن الهجرة في سبيل الله تتضمن الإيمان، و﴿ في سبيل الله ﴾ معناه في طريق مرضاة الله، لأن سبل الله كثيرة، وهي طاعاته كلها، المعنى فإن أعرضوا عن الهجرة وتولوا عن الإيمان فخذوهم، وهذا أمر بالحمل عليهم ومجاهرتهم بالقتال. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٩٠﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ فلا تتّخذوا منهم أولياء حتّى يهاجروا في سبيل الله ﴾ أقام الله للمسلمين به علامة على كفر المتظاهرين بالإسلام، حتّى لا يعود بينهم الاختلاف في شأنهم، وهي علامة بيّنة، فلم يبق من النفاق شيء مستور إلاّ نفاق منافّقي المدينة.
والمهاجرة في سبيل الله هي الخروج من مكة إلى المدينة بقصد مفارقة أهل مكة، ولذلك قال :﴿ في سبيل الله ﴾ أي لأجل الوصول إلى الله، أي إلى دينه الذي أراده.
وقوله :﴿ فإن تولّوا ﴾ أي أعرضوا عن المهاجرة.
وهذا إنذار لهم قبل مؤاخذتهم، إذ المعنى : فأبلغوهم هذا الحكم فإن أعرضوا عنه ولم يتقبّلوه فخذوهم واقتلوهم، وهذا يدلّ على أنّ من صدر منه شيء يحتمل الكفر لا يؤاخذ به حتّى يُتَقَدّم له، ويعرّف بما صدر منه، ويُعذَر إليه، فإن التزمه يؤاخذ به، ثمُّ يستتاب.
وهو الذي أفتى به سحنون.
والولّي : الموالي الذي يضع عنده مولاه سِرّه ومَشورته.
والنصير الذي يدافع عن وليّه ويعينه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢١٢﴾


الصفحة التالية
Icon