فصل


قال الفخر :
دلت الآية على أنه لا يجوز موالاة المشركين والمنافقين والمشتهرين بالزندقة والإلحاد، وهذا متأكد بعموم قوله تعالى :﴿يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء﴾ والسبب فيه أن أعز الأشياء وأعظمها عند جميع الخلق هو الدين، لأن ذلك هو الأمر الذي به يتقرب إلى الله تعالى، ويتوسل به إلى طلب السعادة في الآخرة، وإذا كان كذلك كانت العداوة الحاصلة بسببه أعظم أنواع العداوة، وإذا كان كذلك امتنع طلب المحبة والولاية في الموضع الذي يكون أعظم موجبات العداوة حاصلا فيه والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٦﴾

فصل


قال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ودوا لو تكفرون كما كفروا ﴾ أخبر الله عز وجل المؤمنين بما في ضمائِر تلك الطائِفة، لئلا يحسنوا الظن بهم، ولا يجادلوا عنهم، وليعتقدوا عداوتهم.
قوله تعالى :﴿ فلا تتخذوا منهم أولياء ﴾ أي لا توالوهم فإنهم أعداء لكم ﴿ حتى يهاجروا ﴾ أي : يرجعوا إِلى النبي ﷺ، قال ابن عباس : فإن تولوا عن الهجرة والتوحيد، ﴿ فخذوهم ﴾ أي : ائسروهم، واقتلوهم حيث وجدتموهم في الحِل والحرم.

فصل


قال القاضي أبو يعلى : كانت الهجرة فرضاً إِلى أن فتحت مكة.
وقال الحسن : فرض الهجرة باق، واعلم أن الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب :
من تجب عليه، وهو الذي لا يقدر على إِظهار الإِسلام في دار الحرب، خوفاً على نفسه، وهو قادرٌ على الهجرة، فتجب عليه لقوله ﴿ ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ﴾.
والثاني : من لا تجب عليه بل تستحب له، وهو من كان قادراً على إِظهار دينه في دار الحرب.
والثالث : من لا تستحب له وهو الضعيف الذي لا يقدر على إِظهار دينه، ولا على الحركة كالشيخ الفاني والزّمِن فلم تستحب له للحوق المشقة. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ١٥٥ ـ ١٥٦﴾


الصفحة التالية
Icon