فصل
قال الفخر :
قوله :﴿فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حتى يُهَاجِرُواْ﴾
قال أبو بكر الرازي : التقدير حتى يسلموا ويهاجروا، لأن الهجرة في سبيل الله لا تكون إلا بعد الإسلام، فقد دلت الآية على إيجاب الهجرة بعد الإسلام، وأنهم وإن أسلموا لم يكن بيننا وبينهم موالاة إلا بعد الهجرة، ونظيره قوله :﴿مَالَكُمْ مّن ولايتهم مّن شَىْء حتى يُهَاجِرُواْ﴾ [ الأنفال : ٧٢ ].
واعلم أن هذا التكليف إنما كان لازما حال ما كانت الهجرة مفروضة قال ﷺ :" أنا بريء من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين وأنا بريء من كل مسلم مع مشرك " فكانت الهجرة واجبة إلى أن فتحت مكة، ثم نسخ فرض الهجرة.
عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول ﷺ يوم فتح مكة " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية "
وروي عن الحسن أن حكم الآية ثابت في كل من أقام في دار الحرب فرأى فرض الهجرة إلى دار الإسلام قائما. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٦﴾
وقال الآلوسى :
﴿ حتى يُهَاجِرُواْ فِى سَبِيلِ الله ﴾ أي حتى يؤمنوا وتحققوا إيمانهم بهجرة هي لله تعالى ورسوله ﷺ لا لغرض من أغراض الدنيا، وأصل السبيل الطريق، واستعمل كثيراً في الطريق الموصلة إليه تعالى وهي امتثال الأوامر واجتناب النواهي، والآية ظاهرة في وجوب الهجرة.
وقد نص في "التيسير" على أنها كانت فرضاً في صدر الإسلام. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٠٩﴾