وقرأ الحسن "أو جاءوكم حَصِرةً صدورهم" نصب على الحال، ويجوز رفعه على الابتداء والخبر.
وحكى "أو جاءوكم حصِراتٍ صدورهم"، ويجوز الرفع.
وقال محمد بن يزيد :﴿ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ﴾ هو دعاء عليهم ؛ كما تقول : لعن الله الكافر ؛ وقاله المبرد.
وضعّفه بعض المفسرين وقال : هذا يقتضي ألاّ يقاتلوا قومهم ؛ وذلك فاسد ؛ لأنهم كفار وقومهم كفار.
وأجيب بأن معناه صحيح ؛ فيكون عدم القتال في حق المسلمين تعجيزاً لهم، وفي حق قومهم تحقيراً لهم.
وقيل :﴿ أَوْ ﴾ بمعنى الواو ؛ كأنه يقول : إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق وجاءوكم ضيقة صدورهم عن قتالكم والقتال معكم فكرهوا قتال الفريقين.
ويحتمل أن يكونوا معاهَدين على ذلك فهو نوع من العهد، أو قالوا نسلم ولا نقاتل ؛ فيحتمل أن يقبل ذلك منهم في أول الإسلام حتى يفتح الله قلوبهم للتقوى ويشرحها للإسلام. والأول أظهر. والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٠٩ ـ ٣١٠﴾.
وقال ابن عاشور :
ومعنى ﴿ أو جاؤوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم ﴾ الخ : أو جاءوا إلى المدينة مهاجرين ولكنّهم شرطوا أن لا يقاتلوا مع المؤمنين قومهم فاقْبَلُوا منهم ذلك.
وكان هذا رخصة لهم أوّل الإسلام، إذ كان المسلمون قد هادنوا قبائل من العرب تألّفاً لهم، ولمن دخل في عهدهم، فلمّا قوي الإسلام صار الجهاد مع المؤمنين واجباً على كلّ من يدخل في الإسلام، أمّا المسلمون الأوّلون من المهاجرين والأنصار ومن أسلموا ولم يشترطوا هذا الشرط فلا تشملهم الرخصة، وهم الذين قاتلوا مشركي مكة وغيرها.
وقرأ الجمهور "حَصِرَت" بصيغة فعل المضي المقترن بتاء تأنيث الفعل وقرأه يعقوب "حَصِرةً" بصيغة الصفة وبهاء تأنيث الوصف في آخره منصوبةٌ منونّة.
و﴿ حصرت ﴾ بمعنى ضاقت وحرجت.


الصفحة التالية
Icon