و ﴿ أن يقاتلوكم ﴾ مجرور بحذف عن، أي ضاقت عن قتالكم، لأجل أنّهم مؤمنون لا يرضون قتال إخوانهم، وعن قتال قومهم لأنّهم من نسب واحد، فعظم عليهم قتالهم.
وقد دلّ قوله :﴿ حصرت صدورهم ﴾ على أنّ ذلك عن صدق منهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢١٣ ـ ٢١٤﴾
فصل
قال الفخر :
اختلفوا في أن الذين استثناهم الله تعالى أهم من الكفار أو من المؤمنين ؟
فقال الجمهور : هم من الكفار، والمعنى أنه تعالى أوجب قتل الكافر الا إذا كان معاهدا أو تاركا للقتال فإنه لا يجوز قتلهم، وعلى هذا التقدير فالقول بالنسخ لازم لأن الكافر وإن ترك القتال فإنه يجوز قتله، وقال أبو مسلم الأصفهاني : إنه تعالى لما أوجب الهجرة على كل من أسلم استثنى من له عذر فقال :﴿إِلاَّ الذين يَصِلُونَ﴾ وهم قوم من المؤمنين قصدوا الرسول للهجرة والنصرة، الا أنهم كان في طريقهم من الكفار ما لم يجدوا طريقا إليه خوفا من أولئك الكفار، فصاروا إلى قوم بين المسلمين وبينهم عهد وأقاموا عندهم إلى أن يمكنهم الخلاص، واستثنى بعد ذلك من صار إلى الرسول ولا يقاتل الرسول ولا أصحابه، لأنه يخاف الله تعالى فيه، ولا يقاتل الكفار أيضا لأنهم أقاربه، أو لأنه أبقى أولاده وأزواجه بينهم، فيخاف لو قاتلهم أن يقتلوا أولاده وأصحابه، فهذان الفريقان من المسلمين لا يحل قتالهم وإن كان لم يوجد منهم الهجرة ولا مقاتلة الكفار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٨﴾
فصل
قال الفخر :
قوله تعالى :﴿وَلَوْ شَاء الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ﴾ التسليط في اللغة مأخوذ من السلاطة وهي الحدة، والمقصود منه أن الله تعالى من على المسلمين بكف بأس المعاهدين، والمعنى : أن ضيق صدورهم عن قتالكم إنما هو لأن الله قذف الرعب في قلوبهم، ولو أنه تعالى قوى قلوبهم على قتال المسلمين لتسلطوا عليهم.