قال أصحابنا : وهذا يدل على أنه لا يقبح من الله تعالى تسليط الكافر على المؤمن وتقويته عليه، وأما المعتزلة فقد أجابوا عنه من وجهين : الأول : قال الجبائي قد بينا أن القوم الذين استثناهم الله تعالى قوم مؤمنون لا كافرون، وعلى هذا فمعنى الآية : ولو شاء الله لسلطهم عليكم بتقوية قلوبهم ليدفعوا عن أنفسهم أن أقدمتم على مقاتلتهم على سبيل الظلم.
والثاني : قال الكلبي : إنه تعالى أخبر أنه لو شاء لفعل، وهذا لا يفيد إلا أنه تعالى قادر على الظلم، وهذا مذهبنا إلا أنا نقول : إنه تعالى لا يفعل الظلم، وليس في الآية دلالة على أنه شاء ذلك وأراده. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٨ ـ ١٧٩﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ شَآءَ الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ﴾ تسليط الله تعالى المشركين على المؤمنين هو بأن يُقدرهم على ذلك ويقوّيهم إمّا عقوبةً ونقمة عند إذاعة المنكر وظهور المعاصي، وإما ابتلاء واختباراً كما قال تعالى :﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [ محمد : ٣١ ]، وإما تمحيصاً للذنوب كما قال تعالى :﴿ وَلِيُمَحِّصَ الله الذين آمَنُواْ ﴾ [ آل عمران : ١٤١ ].
ولله أن يفعل ما يشاء ويسلط من يشاء على من يشاء إذا شاء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣١٠﴾.
فائدة
قال أبو حيان :
قال الزمخشري :( فإن قلت ) : كيف يجوز أن يسلط الله الكفرة على المؤمنين ما كان مكافتهم إلا لقذف الله الرعب في قلوبهم ؟ ولو شاء لمصلحة يراها من ابتلاء ونحوه لم يقذفه، فكانوا مسلطين مقاتلين غير كافين، فذلك معنى التسليط انتهى.
وهذا على طريقته الاعتزالية.
وهذا الذي قاله الزمخشري قاله أبو هاشم قبله.


الصفحة التالية