قال : أخبر تعالى عن قدرته على ما يشاء أن يفعل، وتسليط الله المشركين على المؤمنين ليس بأمر منه، وإنما هو بإزالة خوف المسلمين من قلوبهم، وتقوية أسباب الجرأة عليهم.
والغرض بتسليطهم عليهم لأمور ثلاثة : أحدها : تأديباً لهم وعقوبة لما اجترحوا من الذنوب.
الثاني : ابتلاء لصبرهم واختباراً لقوة إيمانهم وإخلاصهم كما قال :﴿ ولنبلونكم ﴾ الآية.
الثالث : لرفع درجاتهم وتكثير حسناتهم.
أو المجموع وهو أقرب للصواب انتهى.
وأمّا غيرهما من المعتزلة فقال الجبائي : قد بينا أن القوم الذين استثنوا مؤمنون لا كافرون، وعلى هذا معنى الآية.
ولو شاء الله لسلطهم عليكم بتقوية قلوبهم ليدفعوا عن أنفسهم إن أقدمتهم على مقاتلتهم على سبيل الظلم.
وقال الكعبي : إنه تعالى أخبر أنه لو شاء فعل، وهذا لا يفيد، إلا أنه قادر على الظلم، وهذا مذهبنا إلا أنا نقول : إنه تعالى لا يفعل الظلم، وليس في الآية دلالة على أنه شاء ذلك وأراده، انتهى كلامه.
وقال أهل السنة : في هذه الآية دليل على أنه تعالى لا يقبح منه تسليط الكافر على المؤمن وتقويته عليه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٣٣١﴾
قوله تعالى ﴿فَإِنِ اعتزلوكم﴾

فصل


قال الفخر :
﴿فَإِنِ اعتزلوكم﴾ أي فإن لم يتعرضوا لكم وألقوا إليكم السلم، أي الانقياد والاستسلام، وقرىء بسكون اللام مع فتح السين ﴿فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾ فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٩﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
والسبيل هنا مستعار لوسيلة المؤاخذة، ولذلك جاء في خبره بحرف الاستعلاء دون حرف الغاية، وسيأتي الكلام عليه عند قوله تعالى :﴿ ما على المحسنين من سبيل ﴾ في سورة براءة ( ٩١ ). أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢١٤﴾


الصفحة التالية
Icon