وقوله سبحانه :﴿ فَإِنِ اعتزلوكم ﴾ يبين حكم الكافين لسبق حكم المتصلين بهم، أجيب : بأن ذلك جائز إلا أن الأول أظهر وأجرى على أسلوب كلام العرب لأنهم إذا استثنوا بينوا حكم المستثنى تقريراً وتوكيداً، وقال الإمام :"جعل الكف عن القتال سبباً لترك التعرض أولى من جعل الاتصال بمن يكف عن القتال سبباً ( قريباً ) لترك التعرض لأنه سبب بعيد" على أن المتصلين بالمعاهدين ليسوا معاهدين لكن لهم حكمهم بخلاف المتصلين بالكافين فإنهم إن كفوا فهم هم وإلا فلا أثر له، وقرأ أبي ﴿ جَاءوكُمْ ﴾ بغير أو على أنه استئناف وقع جواباً لسؤال كأنه قيل : كيف كان الميثاق بينكم وبنيهم ؟ فقيل : جاءوكم الخ، وقيل : يقدر السؤال كيف وصلوا إلى المعاهدين ومن أين علم ذلك وليس بشيء، أو على أنه صفة بعد صفة لقوم، أو بيان ليصلون، أو بدل منه، وضعف أبو حيان البيان بأنه لا يكون في الأفعال، والبدل أنه ليس إياه ولا بعضه ولا مشتملاً عليه، وأجيب بأن الإنتهاء إلى المعاهدين والاتصال بهم حاصله الكف عن القتال فصح جعل مجيئهم إلى المسلمين بهذه الصفة، وعلى هذه العزيمة بياناً لاتصالهم بالمعاهدين، أو بدلاً منه كلاً أو بعضاً أو اشتمالاً وكون ذلك لا يجري في الأفعال لا يقول به أهل المعاني، وقيل : هو معطوف على حذف العاطف
وقوله تعالى :﴿ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ﴾ حال بإضمار قد، ويؤيده قراءة الحسن حصرة صدورهم وكذا قراءة حصرات وحاصرات واحتمال الوصفية السببية لقوم لاستواء النصب والجر بعيد.


الصفحة التالية
Icon