ولا يجزىء عند أكثرهم المجنون المطْبَق ولا يجزىء عند مالك الذي يُجَنّ ويُفيق، ويجزىء عند الشافعيّ.
ولا يجزىء عند مالك المُعْتَق إلى سنين، ويجزىء عند الشافعيّ.
ولا يجزىء المُدبَّر عند مالك والأوزاعيّ وأصحابِ الرأي، ويجزىء في قول الشافعيّ وأبي ثور، واختاره ابن المنذر.
وقال مالك : لا يصح من أعتق بعضه ؛ لقوله تعالى :﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾.
ومن أعتق البعض لا يُقال حرّر رقبة وإنما حَرّر بعضها.
واختلفوا أيضاً في معناها فقيل : أوِجبت تمحيصاً وطهورا لذِنب القاتل، وذنبهُ ترك الاحتياط والتحفّظ حتى هلك على يديه امرؤ مَحْقُون الدّم.
وقيل : أوجبت بدلاً من تعطيل حق الله تعالى في نفس القتيل، فإنه كان له في نفسه حق وهو التنعم بالحياة والتصرّف فيما أحِل له تصرّف الأحياء، وكان لله سبحانه فيه حق، وهو أنه كان عبداً من عباده يجب له من اسم العبودية صغيراً كان أو كبيراً حرّاً كان أو عبداً مسلماً كان أو ذِمِّياً ما يتميز به عن البهائم والدّواب، ويُرْتَجَى مع ذلك أن يكون من نسله من يعبد الله ويطيعه، فلم يَخْلُ قاتله من أن يكون فوّت منه الاسم الذي ذكرنا، والمعنى الذي وصفنا، فلذلك ضمن الكفارة.
وأي واحد من هذين المعنيين كان، ففيه بيان أن النص وإن وقع على القاتل خطأ فالقاتل عمداً مثله، بل أوْلى بوجوب الكفارة عليه منه، على ما يأتي بيانه، والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣١٤ ـ ٣١٥﴾.

فصل


قال ابن عاشور :
ومن أسرار الشريعة الإسلامية حرصها على تعميم الحرية في الإسلام بكيفية منتظمة، فإنّ الله لمّا بعث رسوله بدين الإسلام كانت العبودية متفشيّة في البشر، وأقيمت عليها ثروات كثيرة، وكانت أسبابها متكاثرة : وهي الأسر في الحروب، والتصيير في الديوان، والتخطّف في الغارات، وبيع الآباء والأمّهات أبناءهُمْ، والرهائن في الخوف، والتداين.


الصفحة التالية
Icon