تُعفَّى الكلوم بالمِئينَ فأصبحت...
يُنجِّمُها مَن ليس فيها بمجرم
وأمّا في الخطأ فكانوا لا يأبون أخذ الدية، قيل : إنّها كانت عشرة من الإبل وأنّ أوّل من جعلها مائة من الإبل عبد المطلب بن هاشم، إذ فدى ولده عبد الله بعد أن نذر ذبحه للكعبة بمائة من الإبل، فجرت في قريش كذلك، ثمّ تبعهم العرب، وقيل : أوّل من جعل الدية مائة من الإبل أبو سيارة عُمَيْلَةُ العَدواني، وكانت ديَة المَلِك ألفاً من الإبل، ودية السادة مائتين من الإبل، وديّة الحليف نصف دية الصّميم.
وأوّل من وُدِي بالإبل هو زيد بن بكر بن هوازن.
إذ قتله أخوه معاوية جدّ بني عامر بن صعصعة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢١٧ ـ ٢١٩﴾
فصل
قال الفخر :
قال الشافعي رحمه الله : الدية في العمد المحض وفي شبه العمد مغلظة مثلثة ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها.
وأما في الخطأ المحض فمخففة : عشرون بنات مخاض، وعشرون بنات لبون، وعشرون بنو لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة.
وأما أبو حنيفة فهو أيضاً هكذا يقول في الكل إلا في شيء واحد فإنه أوجب بني مخاض بدلا عن بنات لبون.
حجة الشافعي رحمه الله أنه تعالى أوجب الدية في القرآن ولم يبين كيفية الدية فرجعنا في معرفة الكيفية إلى السنة والقياس، فلم نجد في السنة ما يدل عليه.
وأما القياس فإنه لا مجال للمناسبات والتعليلات المعقولة في تعيين الأسباب وتعيين الأعداد، فلم يبق ههنا مطمع إلا في قياس الشبه، ونرى أن الدية وجبت بسبب أقوى من السبب الموجب للزكاة، ثم إنا رأينا أن الشرع لم يجعل لبني مخاض دخلا في باب الزكاة، فوجب أن لا يكون لها دخل في باب الدية أيضاً.