وقال : إن الإبل قد غلت أثمانها، ثم إن عمر فرضها على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق أثنى عشر ألفا، وجه الاستدلال أن عمر ذكر ذلك في مجمع الصحابة وما أنكر عليه أحد فكان إجماعا.
حجة أبي حنيفة : أن الأخذ بالأقل أولى، وقد سبق جوابه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٨٤﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
ومعيار تقدير الديات، باختلاف الأعصار والأقطار، الرجوع إلى قيمة مقدارها من الإبل المعيّن في السُّنَّة.
ودية المرأة القتيلة على النصف من دية الرجل.
ودية الكتابي على النصف من دية المسلم.
ودية المرأة الكتابية على النصف من دية الرجل الكتابي.
وتدفع الدية منجّمة في ثلاث سنين بعد كلّ سنة نجم، وابتداء تلك النجوم من وقت القضاء في شأن القتل أو التراوض بين أولياء القتيل وعاقلةِ القاتل.
والدية بتخفيف الياء مصدر وَدَي، أي أعطى، مثل رمَى، ومصدره وَدْي مثل وعد، حذفت فاء الكلمة تخفيفاً، لأنّ الواو ثقيلة، كما حذفت في عِدّة، وعوّض عنها الهاء في آخر الكلمة مثل شِيَة من الوشي.
وأشار قوله :﴿ مسلَّمَةٌ إلى أهله ﴾ إلى أنّ الدية ترضية لأهل القتيل.
وذُكر الأهل مجملاً فعُلم أنّ أحقّ الناس بها أقرب الناس إلى القتيل، فإنّ الأهل هو القريب، والأحقّ بها الأقرب.
وهي في حكم الإسلام يأخذها ورثة القتيل على حسب الميراث إلاّ أنّ القاتل خطأ إذا كان وارثاً للقتيل لا يرث من ديته.
وهي بمنزلة تعويض المتلفات، جعلت عوضاً لحياة الذي تسبّب القاتلُ في قتله، وربما كان هذا المعنى هو المقصود من عهد الجاهلية، ولذلك قالوا : تَكايُل الدّماء، وقالوا : هُما بَوَاء، أي كفآن في الدم وزادوا في دية سادتهم.
وجَعَل عفوَ أهل القتيل عن أخذ الدية صدقة منهم ترغيباً في العفو.
وقد أجمل القرآن من يجب عليه دفع الدية وبيّنته السنّة بأنّهم العاقلة، وذلك تقرير لِما كان عليه الأمر قبل الإسلام.


الصفحة التالية
Icon