والعاقلة : القَرابة من القبيلة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢١٩﴾
فصل
قال الفخر :
قال أبو بكر الأصم وجمهور الخوارج : الدية واجبة على القاتل، قالوا : ويدل عليه وجوه :
الأول : أن قوله :﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ خطأ﴾ لا شك أنه إيجاب لهذا التحرير، والايجاب لا بد فيه من شخص يجب عليه ذلك الفعل، والمذكور قبل هذه الآية هو القاتل، وهو قوله :﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً﴾ فهذا الترتيب يوجب القطع بأن هذا التحرير إنما أوجبه الله تعالى عليه لا على غيره، والثاني : أن هذه الجناية صدرت منه، والمعقول هو أن الضمان لا يجب إلا على المتلف، أقصى ما في الباب أن هذا الفعل صدر عنه على سبيل الخطأ.
ولكن الفعل الخطأ قائم في قيم المتلفات وأروش الجنايات، مع أن تلك الضمانات لا تجب إلا على المتلف، فكذا ههنا.
الثالث : أنه تعالى أوجب في هذه الآية شيئين : تحرير الرقبة المؤمنة، وتسليم الدية الكاملة، ثم انعقد الإجماع على أن التحرير واجب على الجاني، فكذا الدية يجب أن تكون واجبة على القاتل، ضرورة أن اللفظ واحد في الموضعين.
الرابع : أن العاقلة لم يصدر عنهم جناية ولا ما يشبه الجناية، فوجب أن لا يلزمهم شيء للقرآن والخبر، أما القرآن فقوله تعالى :﴿لا تَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى﴾ [ الأنعام : ١٦٤ ] وقال تعالى :﴿وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا﴾ [ الأنعام : ١٦٤ ] وقال :﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] وأما الخبر فما روي أن أبا رمثة دخل على النبي ﷺ ومعه ابنه فقال عليه الصلاة والسلام : من هذا فقال ابني، قال إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه، ومعلوم أنه ليس المقصود منه الاخبار عن نفس الجناية إنما المقصود بيان أن أثر جنايتك لا يتعدى إلى ولدك وبالعكس، وكل ذلك يدل على أن إيجاب الدية على الجاني أولى من إيجابها عل الغير.