الخامس : أن النصوص تدل على أن مال الإنسان معصوم وأنه لا سبيل لأحد أن يأخذه منه.
قال تعالى :﴿لاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُمْ بالباطل إِلاَّ أَن تَكُونَ تجارة﴾ [ النساء : ٢٩ ] وقال عليه الصلاة والسلام :" كل امرىء أحق بكسبه " وقال :" حرمة مال المسلم كحرمة دمه " وقال :" لا يحل مال المسلم إلا بطيبة من نفسه " تركنا العمل بهذه العمومات في الأشياء التي عرفنا بنص القرآن كونها موجبة لجواز الأخذ كما قلنا في الزكوات، وكما قلنا في أخذ الضمانات.
وأما في إيجاب الدية على العاقلة فالمعتمد فيه على خبر الواحد، وتخصيص عموم القرآن بخبر الواحد لا يجوز، لأن القرآن معلوم، وخبر الواحد مظنون، وتقديم المظنون على المعلوم غير جائز، ولأن هذا خبر واحد ورد فيما تعم به البلوى فيرد، ولأنه خبر واحد ورد على مخالفة جميع أصول الشرائع، فوجب رده، وأما الفقهاء فقد تمسكوا فيه بالخبر والأثر والآية : أما الخبر : فما روى المغيرة أن امرأة ضربت بطن امرأة أخرى فألقت جنينا ميتا، فقضى رسول الله ﷺ على عاقلة الضاربة بالغرة، فقام حمل بن مالك فقال : كيف ندى من لا شرب ولا أكل، ولا صاح ولا استهل، ومثل ذلك بطل، فقال النبي ﷺ : هذا من سجع الجاهلية، وأما الأثر : فهو أن عمر رضي الله عنه قضى على علي بأن يعقل عن مولى صفية بنت عبد المطلب حين جنى مولاها، وعلي كان ابن أخي صفية، وقضى للزبير بميراثها، فهذا يدل على أن الدية إنما تجب على العاقلة، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٨٤ ـ ١٨٥﴾
فصل
قال الفخر :
مذهب أكثر الفقهاء أن دية المرأة نصف دية الرجل.
وقال الأصم وابن عطية : ديتها مثل دية الرجل.
حجة الفقهاء أن عليا وعمر وابن مسعود قضوا بذلك، ولأن المرأة في الميراث والشهادة على النصف من الرجل، فكذلك في الدية.