الرواية الثالثة : أن المقداد بن الأسود قد وقعت له مثل واقعة أسامة قال : فقلت يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف ثم لاذ بشجرة، فقال أسلمت لله تعالى أفأقتله يا رسول الله بعد ذلك ؟ فقال رسول الله لا تقتله، فقلت يا رسول الله إنه قطع يدي، فقال عليه الصلاة والسلام " لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك بعد ما تقتله وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال " وعن أبي عبيدة قال قال رسول الله ﷺ :" إذا أشرع أحدكم الرمح إلى الرجل فإن كان سنانه عند نقرة نحره فقال لا إله إلا الله فليرفع عنه الرمح " قال القفال رحمه الله : ولا منافاة بين هذه الروايات فلعلها نزلت عند وقوعها بأسرها، فكان كل فريق يظن أنها نزلت في واقعته، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٣ ـ ٤﴾
فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ ﴾ هذا متصل بذكر القتل والجهاد.
والضرب : السَّير في الأرض ؛ تقول العرب : ضربت في الأرض إذا سرتَ لتجارة أو غَزْوٍ أو غيره ؛ مقترنة بفي.
وتقول : ضربت الأرض، دون "في" إذا قصدت قضاء حاجة الإنسان ؛ ومنه قول النبي ﷺ :" لايخرج الرجلان يضربان الغائط يتحدّثان كاشفَيْن عن فَرْجَيْهما فإن الله يمقت على ذلك " وهذه الآية نزلت في قوم من المسلمين مَرُّوا في سفرهم برجل معه جمل وغُنَيمة يبيعها فسلّم على القوم وقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ؛ فحمل عليه أحدهم فقتله.
فلما ذكر ذلك للنبي ﷺ شقّ عليه ونزلت الآية.
وأخرجه البخاري عن عطاء عن ابن عباس قال : قال ابن عباس : كان رجل في غُنَيمة له فلحقه المسلمون فقال : السلام عليكم ؛ فقتلوا وأخذوا غنيمته ؛ فأنزل الله تعالى ذلك إلى قوله :﴿ عَرَضَ الحياة الدنيا ﴾ تلك الغُنَيمة.
قال : قرأ ابن عباس "السلام".