قال تعالى :﴿ وللرجال عليهن درجة ﴾ لا يراد بها شيء واحد، بل أشياء. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٣٤٥ ـ ٣٤٦﴾
قوله تعالى ﴿وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى﴾
قال الفخر :
﴿وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى﴾ أي وكلا من القاعدين والمجاهدين فقد وعده الله الحسنى وقال الفقهاء : وفيه دليل على أن فرض الجهاد على الكفاية، وليس على كل واحد بعينه لأنه تعالى وعد القاعدين الحسنى كما وعد المجاهدين، ولو كان الجهاد واجباً على التعيين لما كان القاعد أهلاً لوعد الله تعالى إياه الحسنى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٨﴾
قوله تعالى ﴿وَفَضَّلَ الله المجاهدين عَلَى القاعدين أَجْراً عَظِيماً﴾
فصل
قال الفخر :
في انتصاب قوله :﴿أَجْراً﴾ وجهان :
الأول : انتصب بقوله :﴿وَفَضَّلَ﴾ لأنه في معنى قولهم : آجرهم أجراً، ثم قوله :﴿درجات مّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً﴾ بدل من قوله :﴿أَجْراً ﴾.
الثاني : انتصب على التمييز و ﴿درجات﴾ عطف بيان ﴿وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً﴾ معطوفان على ﴿درجات ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٨﴾
قوله تعالى ﴿درجات مّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً﴾
سؤال : لقائل أن يقول : إنه تعالى ذكر أولاً ﴿دَرَجَةً﴾، وههنا ﴿درجات﴾،
وجوابه من وجوه : الأول : المراد بالدرجة ليس هو الدرجة الواحدة بالعدد، بل بالجنس، والواحد بالجنس يدخل تحته الكثير بالنوع، وذلك هو الأجر العظيم، والدرجات الرفيعة في الجنة المغفرة والرحمة.
الثاني : أن المجاهد أفضل من القاعد الذي يكون من الأضراء بدرجة، ومن القاعد الذي يكون من الأصحاء بدرجات، وهذا الجواب إنما يتمشى إذا قلنا بأن قوله :﴿غَيْرُ أُوْلِى الضرر﴾ لا يوجب حصول المساواة بين المجاهدين وبين القاعدين الأضراء.
الثالث : فضل الله المجاهدين في الدنيا بدرجة واحدة وهي الغنيمة، وفي الآخرة بدرجات كثيرة في الجنة بالفضل والرحمة والمغفرة.