بحث نفيس
" الإِسلام والهجرة "
قال فى الأمثل :
إِنّ الإِسلام ـ إِستناداً إِلى هذه الآية وآيات كثيرة أُخرى ـ يأمر المسلمين بكل صراحة بالهجرة من المحيط الذي يعانون فيه ـ لأسباب خاصّة ـ من عدم التمكن من أداء واجباتهم إِلى محيط ومنطقة آمنة، وسبب هذا الأمر واضح، لأنّ الإِسلام لا يُحدّ بمكان ولا يقيد بمحيط معين خاص، ولهذا فإِن التمسك المفرط بالمحيط ومحل التولد والعلاقات المختلفة الأخرى لا تقف فينظر الإِسلام يحائ دون هجرة المسلمين.
ولذلك نرى انفصام كل هذه العلاقات في الصدر الأوّل للإِسلام ومن أجل حماية الإِسلام وتقدمه، وفي هذا المجال يقول أحد المؤرخين الغربيين : إنّ القبيلة والعائلة هما الشجرة الوحيدة التي تنبت في الصحراء، ولن يستطيع أحد الحياة دون اللجوء إِليها، إِلاّ أنّ محمّداً(صلى الله عليه وآله وسلم) قد قلع هذه الشجرة التي نمت بلحم ودم عائلته، وفعل ذلك من أجل ربه وخالقه (فقد فصم النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) علاقته بقريش في سبيل الإسلام).
علاوة على ما ذكر فإِن من بين جميع الموجودات الحيّة، حين تتعرض حياة أي واحداً أو مجموعة منها إِلى الخطر، نراها تضطر إِلى ترك مكان تواجدها والهجرة منه إِلى مأوى وملجأ أمن آخر، والكثير من أبناء البشر الأقدمين عمدوا إِلى الهجرة من مكان ولادتهم ـ بسبب تغير الظروف الجغرافية فيه ـ إِلى نقاط أُخرى من العالم من أجل مواصلة الحياة، وليس البشر وحدهم الذين مارسوا الهجرة، بل هناك من بين الحيوانات أنواع كثيرة عرفت بالحيوانات المهاجرة، مثل الطيور التي تضطر أحياناً إِلى الدوران حول الأرض تقريباً من أجل إِيجاد مأوى تواصل فيه حياتها، وبعض هذه الطيور تهاجر من القطب الشمالي إِلى القطب الجنوبي، وأحياناً تقطع مسافة حوالي (١٨) ألف كيلومتر للوصول الى المكان الذي تريد العيش فيه.


الصفحة التالية
Icon