ولما ذكر الخوف منهم، علله مشيراً بالإظهار موضع الإضمار، وباسم الفاعل إلى أن من تلبس بالكفر ساعة ما، أعرق فيه، أو إلى أن المجبول على العداوة المشار إليه بلفظ الكون إنما هو الراسخ في الكفر المحكوم بموته عليه فقال :﴿إن الكافرين﴾ أي الراسخين منهم في الكفر ﴿كانوا﴾ أي جبلة وطبعاً.
ولعله اشار إلى أنهم مغلوبون بقوله :﴿لكم﴾ دون عليكم ﴿عدواً﴾ ولما كان العدو مما يستوي فيه الواحد والجمع قال :﴿مبيناً﴾ أي ظاهر العداوة، يعدون عليكم لقصد الأذى مهما وجدوا لذلك سبيلاً، فربما وجدوا الفرصة في ذلك عند طول الصلاة فلذلك قصرتها، ولولا أنها لا رخصة فيها بوجه لوضعتها عنكم في مثل هذه الحالة، أو جعلت التخفيف في الوقت فأمرت بالتأخير، ولكنه لا زكاء للنفوس بدون فعلها على ما حددت من الوقت وغيره. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣٠٥ ـ ٣٠٧﴾
فائدة
قال الفخر :
اعلم أن أحد الأمور التي يحتاج المجاهد إليها معرفة كيفية أداء الصلاة في زمان الخوف، والاشتغال بمحاربة العدو ؛ فلهذا المعنى ذكره الله تعالى في هذه الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٤﴾
فصل
قال الفخر :
قال الواحدي : يقال قصر فلان صلاته وأقصرها وقصرها، كل ذلك جائز وقرأ ابن عباس : تقصروا من أقصر، وقرأ الزهري : من قصر، وهذا دليل على اللغات الثلاث. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٤﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن لفظ القصر مشعر بالتخفيف، لأنه ليس صريحاً في أن المراد هو القصر في كمية الركعات وعددها أو في كيفية أدائها، فلا جرم حصل في الآية قولان : الأول : أن المراد منه صلاة المسافر، وهو أن كل صلاة تكون في الحضر أربع ركعات، فإنها تصير في السفر ركعتين، فعلى هذا القصر إنما يدخل في صلاة الظهر والعصر والعشاء، أما المغرب والصبح، فلا يدخل فيهما القصر.