وأحسن ما قيل في قصرها وإتمامها أنها أخذت برخصة الله ؛ لترى الناس أن الإتمام ليس فيه حرج وإن كان غيره أفضل.
وقد قال عطاء : القصر سُنّة ورُخصة، وهو الراوي عن عائشة : أن رسول الله ﷺ صام وأفطر وأتم الصلاة وقصر في السفر، رواه طلحة بن عمر.
وعنه قال : كل ذلك كان يفعل رسول الله ﷺ، صام وأفطر وقصر الصلاة وأتم.
وروى النّسائيّ بإسناد صحيح :" أن عائشة اعتمرت مع رسول الله ﷺ من المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت مكة قالت : يا رسول الله، بأبي أنتَ وأُمِّي ا قَصرتَ وأتممتُ وأفطرتَ وصمت ؟ فقال :"أحسنتِ يا عائشة" وما عاب عليّ " كذا هو مقيَّد بفتح التاء الأُولى وضم الثانية في الكلمتين.
وروى الدّارَقُطْنِيّ عن عائشة :" أن النبيّ ﷺ كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم " ؛ قال إسناده صحيح. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٥٨ ـ ٣٥٩﴾.
فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصلاة ﴾ "أن" في موضع نصب، أي في أن تَقْصروا.
قال أبو عبيد : فيها ثلاث لغات : قَصَرتُ الصلاة وقصّرتها وأقصرتها.
واختلف العلماء في تأويله، فذهب جماعة من العلماء إلى أنه القصر إلى اثنتين من أربع في الخوف وغيره ؛ لحديث يَعْلَى بن أُمَيّة على ما يأتي.
وقال آخرون : إنما هو قصر الركعتين إلى ركعة، والركعتان في السفر إنما هي تمام، كما قال عمر رضي الله عنه : تمام غير قصر، وقصرُها أن تصير ركعة.
قال السُّدِّيّ : إذا صلّيت في السفر ركعتين فهو تمام، والقصر لا يحلّ إلا أن تخاف، فهذه الآية مبيحة أن تصلّي كلُّ طائفة ركعة لا تزيد عليها شيئاً، ويكون للإمام ركعتان.
ورُوي نحوه عن ابن عمر وجابر بن عبد الله وكعب، وفعله حذيفة بطَبرستان وقد سأله الأمير سعيد بن العاص عن ذلك.
وروى ابن عباس : أن النبيّ ﷺ صلّى كذلك في غزوة ذي قَرَد ركعة لكل طائفة ولم يقضوا.