فائدة
قال الفخر :
أما قوله :﴿إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كَفَرُواْ﴾ ففي تفسير هذه الفتنة قولان : الأول : خفتم أن يفتنوكم عن إتمام الركوع والسجود في جميعها.
الثاني : إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا بعداوتهم، والحاصل أن كل محنة وبلية وشدة فهي فتنة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٩﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنْ خِفْتُمْ ﴾ خرج الكلام على الغالب، إذ كان الغالب على المسلمين الخوف في الأسفار ؛ ولهذا قال يَعْلَى بن أُمية قلت لعمر : مالنا نقصر وقد أَمِنّا.
قال عمر : عجبتُ مما عجبتَ منه فسألت رسول الله ﷺ عن ذلك فقال :" صدقةٌ تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ".
قلت : وقد استدل أصحاب الشافعيّ وغيرُهم على الحنفية بحديث يعلى بن أُمية هذا فقالوا : إن قوله :"ما لنا نقصر وقد أمِنّا" دليل قاطع على أن مفهوم الآية القصر في الركعات.
قال الكَيا الطبريّ : ولم يذكر أصحاب أبي حنيفة على هذا تأويلاً يساوي الذّكْر ؛ ثم إن صلاة الخوف لا يعتبر فيها الشرطان ؛ فإنه لو لم يُضرب في الأرض ولم يوجَد السفر بل جاءنا الكفار وغزونا في بلادنا فتجوز صلاة الخوف ؛ فلا يعتبر وجود الشرطين على ما قاله.
وفي قراءة أُبَيّ "أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوَاْ" بسقوط "إن خفتم".
والمعنى على قراءته : كراهية أن يفتنكم الذين كفروا.
وثبت في مصحف عثمان رضي الله عنه "إن خفتم".
وذهب جماعة إلى أن هذه الآية إنما هي مبيحة للقصر في السفر للخائف من العدّو ؛ فمن كان آمناً فلا قصر له.
روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول في السفر : أتموا صلاتكم : فقالوا : إن رسول الله ﷺ كان يقصر، فقالت : إنه كان في حرب وكان يخاف، وهل أنتم تخافون ؟.
وقال عطاء : كان يتم من أصحاب رسول الله ﷺ عائشة وسعد بن أبي وقاص وأتم عثمان، ولكن ذلك معلّل بعلل تقدّم بعضها.


الصفحة التالية
Icon