وذهب جماعة إلى أن الله تعالى لم يُبح القصر في كتابه إلاَّ بشرطين : السفر والخوف، وفي غير الخوف بالسنّة، منهم الشافعي وقد تقدّم.
وذهب آخرون إلى أن قوله تعالى :﴿ إِنْ خِفْتُمْ ﴾ ليس متصلاً بما قبلُ، وأن الكلام تَمّ عند قوله :﴿ مِنَ الصلاة ﴾ ثم افتتح فقال :﴿ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا ﴾ فأقم لهم يا محمد صلاة الخوف. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٦١ ـ ٣٦٢﴾.
قوله تعالى ﴿إِنَّ الكافرين كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً﴾
قال الفخر :
المعنى أن العداوة الحاصلة بينكم وبين الكافرين قديمة، والآن قد أظهرتم خلافهم في الدين وازدادت عداوتهم، وبسبب شدة العداوة أقدموا على محاربتكم وقصد إتلافكم إن قدروا، فإن طالت صلاتكم فربما وجدوا الفرصة في قتلكم، فعلى هذا رخصت لكم في قصر الصلاة، وإنما قال ﴿عَدُوّا﴾ ولم يقل أعداء، لأن العدو يستوي فيه الواحد والجمع، قال تعالى :﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى إِلاَّ رَبَّ العالمين﴾ [ الشعراء : ٧٧ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٩﴾
وقال القرطبى :
وقوله :﴿ إِنَّ الكافرين كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً ﴾ كلام معترض، قاله الجُرْجاني وذكره المهدويّ وغيرهما.
وردّ هذا القول القُشَيْرِيُّ والقاضي أبو بكر بن العربي.
قال القُشَيْرِيّ أبو نصر : وفي الحمل على هذا تكلّف شديد، وإن أطنب الرجل يريد الجرجانيّ في التقدير وضرب الأمثلة.
وقال ابن العربيّ : وهذا كله لم يفتقر إليه عمر ولا ابنه ولا يَعْلَي بن أُميّة معهما.


الصفحة التالية
Icon